صادرة عنه.
وتقديم العبادة على الاستعانة ، لرعاية الفاصلة. أو لأن العبادة ، وسيلة الى الاستعانة ، ان كان المراد بها الاستعانة على ما عدا العبادة ، من المهمات. ولا شك أن تقديم الوسيلة ، أدخل في استيجاب الاجابة ، وان كان المراد بها ، الاستعانة على العبادة ، أو الاستعانة ، مطلقا ، بحيث يدخل فيه العبادة ، أيضا.
فوجه تقديمها ظاهر ، أيضا. لأنها مقصودة بالنسبة الى الاستعانة. وان كان طلب المعونة على الشيء ، مقدّما عليه.
وقيل : لا يبعد أن يجعل العبادة ، اشارة الى الفناء في الله. لأن غاية الخضوع ، هي الرجوع الى العدم الأصلي. والاستعانة ، اشارة الى طلب البقاء ، بعد الفناء ، لتيسر السير في الله. وحينئذ وجه التقديم ، ظاهر ، كما لا يخفى. وفيه ما لا يخفى.
وانما أطلق الاستعانة ، ولم يقيدها بكل مستعان فيه ولا ببعض ، ليحتمل الكل ، ويحمله القارئ على ما يناسب حاله.
«وقرئ «نستعين» ، بكسر النون ، وهي لغة تميم. فإنهم يكسرون حروف المضارعة ، سوى الياء ، إذا لم ينضم ما بعدها» (١).
«وقيل : الواو للحال. والمعنى نعبدك : مستعينين بك» (٢).
فأقول : لما نسب المتكلم العبادة الى نفسه ، أو هم ذلك تبجّحا واعتدادا منه ، بما صدر عنه. فعقّبه بقوله : «وإياك نستعين» ، ليدل على أن العبادة : أيضا ـ مما لا يتم ولا يستتب ، الا بمعونة الله.
(وفي من لا يحضره الفقيه (٣) : وفيما ذكره الفضل من العلل عن الرضا ـ
__________________
(١) ر. أنوار التنزيل ١ / ٩.
(٢) نفس المصدر.
(٣) من لا يحضره الفقيه ١ / ٢٠٣ ـ ٢١٤ ، ضمن ح ٩٢٧ ، عيون الاخبار ٢ / ١٠٧.