(فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) (١) ، على التهكّم. ومنه «الهداية» ، وهوادي الوحش لمقدماتها. والفعل منه هدى. وأصله أن يعدى باللام و «الى». فعومل معه ، معاملة «أختار» ، في قوله تعالى : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ) (٢) (٣).
ومن هنا يظهر أن لا فرق بين المتعدي بنفسه والمتعدي بالحرف.
لكن ، نقل عن صاحب الكشاف : أن هداه لكذا والى كذا ، انما يقال : إذا لم يكن في ذلك فيصل بالهداية اليه. وهداه كذا ، لمن يكون فيه. (فيزداد أو يثبت ولمن لا يكون فيصل. وقد يقال لا نزاع في الاستعمالات الثلاث ، الا أن منهم ، من فرق بأن معنى المتعدي بنفسه ، هو الإيصال الى المطلوب ، ولا يكون الا فعل الله. فلا يسند الا اليه. كقوله : (لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) (٤). ومعنى المتعدي بحرف الجر ، هو الدلالة على ما يوصل اليه. فيسند تارة الى القرآن وأخرى الى النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ.
«قيل» (٥) وهداية الله تعالى ، تتنوع أنواعا. لا يحصيها عدّ. لكنها تنحصر في أجناس مترتبة :
الأول ـ افاضة القوى التي يتمكن بها من العبد ، الاهتداء الى مصالحه ، كالقوى العقلية والحواس الباطنة والمشاعر الظاهرة.
والثاني ـ نصب الدلائل الفارقة ، بين الحق والباطل ، والصلاح والفساد.
والثالث ـ الهداية بإرسال الرسل وانزال الكتب.
الرابع ـ أن يكشف على قلوبهم السرائر. ويريهم الأشياء ، كما هي ، بالوحي
__________________
(١) الصافات / ٢٣.
(٢) الاعراف / ١٥٥.
(٣) ر. أنوار التنزيل ١ / ٩.
(٤) العنكبوت / ٦٩.
(٥) ر. أنوار التنزيل ١ / ١٠ ـ ٩.