وثانيتهما : الإيضاح بتفسير المبهم. وفيه ـ أيضا ـ نوع تأكيد. فان ذكر الشيء مبهما وتفسيره ، يفيد تقريره وتأكيده.
وقرئ «من أنعمت عليهم». و «عليهم» في محل النصب ، على المفعولية.
و «الانعام» ، إيصال النعمة. وهي في الأصل ، الحالة التي يستلذها الإنسان.
فأطلقت على ما يستلذه ، من النعمة ، وهي التنعم. ونعم الله وان كانت لا تحصى كما قال : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها) (١) ، تنحصر في جنسين : دنيوي وأخروي.
والأول قسمان : موهبي وكسبي.
والموهبي قسمان : روحاني ، كالروح وما يتبعه من القوى ، كالفهم والفكر والنطق. وجسماني ، كالبدن والقوى الحالة فيه والهيئات العارضة له من الصحة وكمال الأعضاء.
والكسبي : تزكية النفس عن الرذائل ، وتحليتها بالأخلاق والملكات الفاضلة ، وتزيين البدن بالهيئات المطبوعة ، والحلي المستحسنة ، وحصول الجاه والمال.
والثاني : أن يغفر ما فرط منه ، ويرضى عنه ، ويبوّؤه في أعلى عليين ، مع الملائكة المقربين ، أبد الآبدين.
والمراد ، هو القسم الأخير وما يكون وصلة الى نيله من القسم الآخر. وما عدا ذلك ، يشترك فيه المؤمن والكافر. فالمراد بالمنعم عليهم ، هم المؤمنون ـ مطلقا.
وأطلق الانعام ولم يقيد بنعمة خاصة ، ليشمل كل انعام. ووجه صحة الشمول هو ادعاء أن من أنعم الله عليه ، بنعمة الإسلام ، لم يبق نعمة الا اصابته. وقيل : الأنبياء ـ عليهم السلام ـ وقيل : أصحاب موسى) (٢) وعيسى – عليهما السلام ـ قبل التحريف
__________________
(١) ابراهيم / ٤٣.
(٢) ما بين القوسين ليس في أ.