فان النطق بأسماء الحروف ، مخصوص بمن خط ودرس. فأما الأمي الذي لم يخالط أهل الكتاب ، فمستبعد مستغرب خارق للعادة ، كالتلاوة والكتابة. وقد راعى في ذلك ، ما يعجز عنه الأديب الأريب الفائق في فنه ، من إيراد نصف أسماء الحروف بحيث ينطوي على انصاف (١) مسمياتها ، تحقيقا وتقريبا ، في تسعة وعشرين سورة ، على عدد الحروف ، مع نكات أخر.
قيل (٢) : ويمكن أن يكون تلك الحروف الملفوظة ، باعتبار مخارجها ، اشارة الى معان دقيقة لطيفة ، كما يشيرون «بالألف» ، باعتبار مخرجها الذي هو أقصى الحلق ، الى مرتبة الغيب ، و «بالميم» ، باعتبار مخرجها الذي هو الشفة ، الى مرتبة الشهادة ، وبمخرج «اللام» الواقع بينهما ، الى ما يتوسط من المراتب.
فالمشار اليه بقوله (٣) «الم» ، مرتبة الغيب والشهادة وما بينهما. وذلك المشار اليه ، هو الكتاب الوجودي ، الذي لا يخرج منه شيء.
ويمكن حملها على معانيها الحسابية ، اشارة الى مدد أقوام وآجال ، او غير ذلك ، بحساب ذلك ويدل عليه.
(وروي (٤) : انه ـ عليه السلام ـ لما أتاه اليهود ، تلا عليهم «(الم) ـ البقرة».
فحسبوا. وقالوا : كيف ندخل في دين ، مدته احدى وسبعون سنة؟
فتبسم رسول الله ـ صلى الله عليه وآله.
فقالوا : وهل غيره؟
فقال : (المص) و (الر) و (المر).
__________________
(١) أ : اتصاف.
(٢) ر. أنوار التنزيل ١ / ٦٣.
(٣) ليس في أ.
(٤) معاني الاخبار / ٢٢.