وعند ما نقول : حدودها نعني : أن كل شيء ينتهي وجوده عند حد معين ، وبعدئذ لا يملك وجودا أو بتعبير آخر : ينعدم في خارج حده ، مثلا : التفاحة موجودة في مساحة معينة وفي وقت محدود. أما فيما وراء تلك المساحة ، وذلك الوقت فلا وجود للتفاحة ، كذلك فان الله قدّر ـ بحكمته وقدرته ـ الوجود والعدم ، فجعل كل شيء موجودا في حدود معينة ، وجعله معدوما فيما وراء ذلك. إذا فهو جاعل العدم والوجود ، ومقدرهما ومدبرهما.
وربما يشير الى هذه الحقيقة قوله تعالى :
(وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ)
ذلك لأن الظلمات رمز لكل عدم ، بينما النور رمز لكل وجود.
أمام هذه القدرة والحكمة المطلقة ، لا يسعنا إلّا الحمد ، والحمد هو ذلك الموقف الرشيد الذي لا بد ان نتخذه من ربنا ، ولكن كم هو بعيد وشاذ موقف الكفار حيث يشركون بربهم ، ويضعون الله سبحانه عدلا للأنداد من دونه. تعالى ربنا عما يصفه المشركون!
(ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ)
الشك لماذا وكيف؟
[٢] إن الإنسان في هذا الكون الواسع محاط بقدرة الله ، وما عليه إلّا أن يعرف هذه الحقيقة ، ويعترف بها ، ولا يرتاب فيها ولا يشكك نفسه في ذلك ، لأن الشك قد يكون عفويّا ، وقد يكون شكا نابعا من الهوى أو الحساسية وما أشبه ، وفي قضية الايمان بالله لا نجد ذلك النوع من الشك ، أن الله أظهر من أن يشك فيه بشر (١) ، ان
__________________
(١) :جاء في دعاء عرفة للإمام الحسين (عليه السلام) : «الهي ترددي في الآثار يوجب بعد المزار ، فاجمعني»