(فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) ٦٤ / غافر
وبعدئذ امر الله الملائكة بالسجود لآدم ، وربما كان السجود رمزا لكرامة العلم والارادة عند البشر ، ورمزا لتسخير الحيلة له بفضل العلم والارادة ، بيد أن الهدف من بيان قصة إبليس هنا ، يختلف عن هدف ذلك في سورة البقرة ، حيث كان الهدف هناك ـ حسب الظاهر ـ هو : بيان تسخير الحياة للإنسان بفضل العلم ، أما الهدف منها هنا فهو : بيان واقعة الخطيئة كيف؟ ولماذا وقعت؟
(وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ)
لماذا عصى إبليس؟
ولقد جاء في الأحاديث أن التعبير القرآني الذي استخدم ضمير الجمع هنا دليل على واقعة الذر ، حيث خلق الله البشر جميعا بصورة (ذر) في صلب آدم ، ولذلك جاءت كلمة (ثم) للدلالة على الترتيب.
[١٢] ولكن ما هي الصفة التي كانت في إبليس ، فمنعته عن السجود بعد ما جاء الأمر الصريح؟
(قالَ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ)
استخدم القرآن التعبير بكلمة (ألّا) بدل (أن) ربما للاشارة الى ان صفة المنع لم تكن آنية أو محدودة بهذا العمل ، بل كانت مرتبطة بالطاعة على العموم ، أي ما منعك عن الطاعة الا تسجد.
(قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)