لقد كان جواب إبليس واضحا ، لقد كان سبب عصيانه العنصرية ، والزعم بأن عنصره أفضل من عنصر آدم ، وعموما هناك مقياسان للإنسان ، اما مقياس الذات ، واما مقياس العمل الصالح ، فاذا كان مقياس الشخص هو ذاته ، فانه سوف لا يقف عند حد في جريمته ، لأنه لا يرى شيئا أقدس من ذاته أو أعلى من نفسه ، ومن هنا فان جذر كل المشاكل البشرية ، هو : تقوقع الإنسان في ذاته ، واعتقاده بأن ذاته هي المقياس ، وما الاقليمية ، والقومية ، والعشائرية ، وكل الحواجز الذاتية ما هي سوى آثار لهذه العنصرية المقيتة.
[١٣] ولكن مقياس الحق هو : مقياس العمل الصالح ، لا فرق بين عامله من يكون؟ ومن اي عنصر؟ لذلك أخرج الله إبليس من جنته.
(قالَ فَاهْبِطْ مِنْها)
اي من السماء أو من الجنة ، وتدل كلمة الهبوط على الهبوط من مكان أعلى ، ومن الطبيعي ان يكون هبوط إبليس ليس ماديا فحسب ، بل ومعنويا أيضا ، ولذلك عاد القرآن واستخدم كلمة الإخراج أيضا.
(فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ)
وهكذا كانت الخطيئة الاولى بسبب الاعتماد على العنصر ، والذي تجسد في صورة التكبر عن الحق ، ومن ثم كان الجزاء الهوان.
من حقائق الجزاء :
[١٤] وعلى الإنسان ان يعرف حقيقة هامة جدا هي : أن الجزاء لا يكون دائما بعد العمل مباشرة ، بل على العكس حيث يتأخر الجزاء عن العمل ، وهذا إبليس قد طلب المهلة من ربنا فأعطاه إياها.