(قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)
[١٥] (قالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ)
وأهمية فهم هذه الحقيقة تأتي من أن البشر بسبب محدودية الرؤية ، وضيق الأفق يزعم أنه لا يجازى على أعماله بمجرد تأخر الجزاء ، بل حتى حين يأتيه الجزاء ينسى أنه جاءه نتيجة عمله ، ولذلك لا يرتدع بالعقاب ولا يندفع الى الثواب ، وانما يستفيد من الجزاء الذين يعدمون المسافة الزمنية بين العمل والجزاء ، ويتصورون أنفسهم منذ لحظة القيام بالعمل وكأنهم في لحظة الجزاء ، فالزارع الذي يتصور وقت الحصاد ، والطالب الذي يتخيل قاعة الامتحانات ، والجندي الذي تتراقص في مخيلته لحظات الانتصار ، والمؤمن الذي يظن أنه ملاق ربه يكون عملهم أتقن وأبقى ، بينما المجرم الذي ينسى قاعة المحكمة ، والفاجر الذي يكفر بالآخرة ، والفاسق الذي يتناسى الموت يكون أجرء على الله ، وأوغل في الخطيئة.
[١٦] والهالك يسحب من حوله الى الهلاك ، كما الناجي يريد لمن حوله النجاة مثله ، وإبليس حين أمره الله بالسجود تكبر فأخرجه ، وهكذا أضمر حقدا مركزا ضد أبناء آدم الذي بسببه طرد من السماء.
(قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ)
انه يقعد لنا ، اي يرصدنا ويمكر بنا ، ومكره يتجسد في محاولة سلب نعمة الاستقامة منا.
[١٧] ويسعى إبليس بكل وسيلة ممكنة لكي يضللنا.
(ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ)