إننا إذ نتصور ذلك اليوم ، وتلك الساعة التي يخاطب أصحاب الأعراف واحدا منا إذا كان مستكبرا ـ لا سمح الله ـ لنعود ونرتّب أوراقنا من جديد ، ونتساءل عما إذا كنا في ذلك اليوم غير قادرين على التوبة ، أو على العودة إلى الحياة للتوبة ، فما دمنا نملك فرصة الحياة إذا دعنا نتوب الى ربنا ، ونصلح أنفسنا ونتقرب الى أصحاب الأعراف الذين مثلهم بيننا مثل الأنبياء بين أقوامهم ، يعرفون ملامح المؤمنين وملامح الكفار ، ويتضرعون الى الله لإصلاح الناس بعد صلاح أنفسهم ، نتقرب إليهم ونستمع الى نصائحهم التي تشبه نصائح الطبيب الذي يكشف المرض ، ويعرف ملامح المريض لعل ذلك يؤثر في مصيرنا ، ومرة أخرى ، أقول : دعنا نتصور ذلك الموقف الرهيب ، فان التصور أجنحة الحقيقة التي تجعلك تلامس الواقع المستقبلي ، وترى الغيب البعيد.
[٤٩] وينظر أصحاب الأعراف الى أهل الجنة ، ويسألون أهل النار.
(أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ)
وحلفتم زورا وكذبا ، وتماديا في غروركم واستكباركم.
(لا يَنالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ)
هذه رحمة الله تغمرهم ، ثم يخاطبون المؤمنين :
(ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ)
فعلى الإنسان ألّا يزعم أن تأكيده وحلفه يغيّر الحقيقة ، بل يفضحه أكثر فأكثر ، فهناك يستبد به الخوف على مستقبله والحزن على ماضيه.
[٥٠] ويكون مصير الكافر بالحقيقة الاستجداء من المؤمنين ، الذين كان إيمانهم