أما شعيب فلم يحفل بمصيرهم لأنه نصحهم وأبلغهم رسالات ربهم ، فكفروا بها ، فلم يأسف لمصيرهم ، ويبدو لي : أن أهل مدين كما أصحاب الحضارات السابقة كانت علاقتهم بالأشياء والأشخاص علاقة العطاء والتربية والإصلاح فبنوا تلك المدينة ، ولكنهم بدّلوا تلك العلاقة وأصبحت علاقتهم علاقة الإسراف والاستهلاك والإفساد فدمرت حضارتهم.
بينات من الآيات :
التمثيلية التاريخية :
[٨٥] وتتكرر مشاهد في التاريخ حتى ليكاد المرء يتصور أنها جميعا مشهد واحد لا يتغير سوى الممثلين فيه ، وان كانت هناك اختلافات فانما هي في المظاهر الخارجية للأحداث ، فكل الجرائم والانحرافات التي يبتلى بها المجتمع تنشأ من عدم التسليم لله وعدم اتباع مناهجه كاملا ، والشرك به عن طريق طاعة غيره من الطواغيت والأصنام الحجرية أو البشرية ، أو التشبث بالقشور والأسماء التي لا يوجد وراءها شيء ، لذلك تجد رسالات السماء تؤكد أولا وقبل كل شيء على الوصية بعبادة الله ، ففي القصص السابقة بدأ كل نبي حديثه مع قومه بهذه الكلمة : اعبدوا الله.
(وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ)
ماذا تعني عبادة الله؟
عبادة الله لا تعني مجرد التسليم النفسي له ، بل ويجب التعبير عن صدق هذا التسليم عمليا في صورة الكفر بالطاغوت والتمرد ضد النظام السلطوي الذي يتّخذ من القوة أداة للسيطرة والقهر ، وبالتالي الثورة ضد كل حكم لا شرعي.
إن أنبياء الله (عليهم السلام) كانوا يهدفون تغيير النظام السياسي في المجتمع ،