من نظام شركي قائم على أساس الحاكم والمحكوم ، إلى نظام توحيدي يقوم على أساس رفض الحاكميات جميعا سوى حاكمية الله الحي القيوم ، ولذلك تجد الآيات السابقة التي تحدثت عن رسالات الله أكّدت قبل كل شيء ضرورة رفض الآلهة التي تعبد من دون الله ، والذي يعني : رفض الحاكميات البشرية والتسليم لحاكمية الله وعبادته سبحانه.
ورفض أيّ نظام سياسي باطل لا يعني الفوضوية بل إقامة كيان سياسي صحيح مكانه ، ذلك هو كيان التوحيد القائم على رسالة بينة ينتفع بها المجتمع ، يؤمنون بها ويخضعون لها.
(قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ)
فعليكم باتباعها ، تلك البينة هي رسالة الله ورسوله المطاع باذنه.
وبعد تثبيت دعائم السلطة السياسية السليمة ، أمر شعيب قومه بتصحيح مسيرة الاقتصاد ، وإصلاحه من اقتصاد قائم على أساس الاستغلال والاستثمار الى اقتصاد قائم على أساس الوفاء بالحقوق ، وإعطاء كلّ ذي حق حقه بالكامل.
(فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ)
حين يكون المجتمع رشيدا من الناحية الاقتصادية فانه لا ينهب ولا يغش ، بل ولا يفحش في الربح أيضا أو يسعى كل طرف للحصول على المنفعة الأكبر ، وهذا هو التطلع الأرفع الذي يجب أن يهدفه المصلحون في حقل الاقتصاد. أن يرى كل طرف منفعة الآخرين بمثل ما يرى منفعته فلا يبخس أحدا شيئا.
وبعد النظام الاقتصادي ، يأتي دور الإصلاح في مجمل سلوك البشرية تجاه الأشياء والأشخاص ، ذلك الذي أكدت عليه رسالات السماء ، حيث أمرت