بضرورة إيجاد علاقة الإصلاح بين الناس والطبيعة ، وبين الناس بعضهم مع بعض ، فلا يكون هدف المجتمع الانتفاع بالحياة فقط بل يكون هدفه :
أولا : تفجير طاقات الطبيعة لمصلحة الانسانية ، وتنمية هذه الطاقات ، وتطويرها الى الأفضل ، مثلا : زراعة الأرض ، وصناعة المعادن ، وتعبيد الطرق ، وبناء الجسور ، وعمارة المدن ، والمحافظة على البيئة بكل أبعادها ، كالمحافظة على نقاء الهواء والطيور وأنواع الوحوش والدواب ، وأنواع الأسماء ، وبالتالي كل ما يصلح الأرض لا ما يفسدها.
ثانيا : تنمية طاقات البشر ومواهبه ، والمجتمع الراشد يسعى من أجل دفع المستوى الخلقي لأبنائه والمستوى التعليمي ، ويربّي المزيد من الكوادر المتقدمة في كافة الحقول ، إنه مجتمع يربي القادة والمفكرين والمخترعين والأبطال ، ولا يكتفي بذلك بل ويسعى من أجل تعميم الحضارة على كل المجتمعات القريبة فيما يخص أبناءه ، ومساعدتهم على التقدم والنمو ، لذلك قال ربنا على لسان شعيب :
(وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها)
وقد تكررت هذه الكلمة في الآيات السابقة أيضا ، ويتساءل المرء لماذا جاءت هذه الكلمة في صورة النهي ،أو لم يكن الأفضل أن يقول ربنا سبحانه : وأصلحوا في الأرض؟
أتصور أن هذه القصص بالذات تعكس وضع الحضارات في ظروف شيخوختها ، وتنامي نقاط الضعف فيها ، وأفول نجمها حيث إن الحضارة تنشأ وتتنامى فيها نقاط القوة ، ولكن الغرور والإرهاب والاستكبار كل ذلك يبدل نقاط القوة فيها الى نقاط ضعف حتى تقضي عليها ، ورسالات السماء تسعى من أجل إيقاف تدهور الحضارات ودمار العمران بتوعية الناس بأسباب قوتهم السابقة ،