جهة كان الله يصيبهم بذنوبهم وتراكمات آثار الخطين في الواقع الخارجي ، ومن جهة ثانية كان الله يطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون بسبب تراكمات الآثار النفسية ، ولا يقدرون على الاستجابة لمغيرات الحياة أو الانتباه الى أجراس الخطر التي كانت تدق على مسامعهم ، بل حتى أنهم كانوا يكذّبون بآيات العذاب وهي قادمة إليهم ، فمثلا كان بعض الهالكين من الأمم السابقة يرون سحابة العذاب فيزعمون أنها سحابة رحمة ممطرة ، فتمطر عليهم العذاب بدل الرحمة ، كذلك بعض الأنظمة اليوم تزعم أن الانتفاضات الجماهيرية انما هي من خارج أراضيها ، بينما هي من الفساد في ذات النظام.
[١٠١] ومن علائم طبع القلب وانغلاقه عن الاستجابة للمتغيرات ، أو فهم إشارات الخطر : أن الرسل كانوا يأتون إليهم بالبينات والآيات الواضحة ولكنهم يكذبون بها ، حتى يدمر الله عليهم قريتهم.
(تِلْكَ الْقُرى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبائِها وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ)
إنهم كذبوا بالقيم أول ما انحرفوا ، فجاءت الرسل تنذرهم بالخطر من بعد أن تراكمت ذنوبهم وأحاطت بهم فلم يعبأوا بذلك.
(كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ)
حين يكفر المرء يؤثر الكفر في قلبه فينغلق دون التوجيه السليم ، ذلك لأن الكفر يأتي نتيجة الاستكبار عن الحق ، والغرور بالذات ، وحين يستجيب المرء للكفر يزداد تكبرا وغرورا ، وهكذا حتى تنسدّ منافذ قلبه جميعا ، حيث إن الاستكبار عدو الفهم السليم.