إلينا ، ولكن موسى طمأنهم وقال : (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ) بالانتصار عليهم ، والهدف من استخلافكم هو : اختياركم ، وامتحان عملكم بعد الانتصار.
بينات من الآيات :
بعد العسر يأذن الله بالنصر :
[١٢٧] وينصر الله سبحانه الرساليين في أوقات الأزمات الشديدة كما نصر موسى عند ما أراد فرعون سحق رسالته بالسحر ، بيد أن من واجب الرساليين آنئذ ألّا يدعو لحظة واحدة لا يستفيدوا منها في توعية الجماهير وتنظيمهم ، وترسيخ دعائم الثورة ، وهدم أسس النظام الفاسد ، وذلك استعدادا لجولة جديدة من المعركة الساخنة مع النظام الطاغوتي ، فهذا موسى (عليه السلام) بعد ان انتصر على فرعون ، واستعاد منه حريته ، جمع حوله الأنصار ، وأخذ يفسد نظام فرعون الطاغوتي من كل جهة ممكنة ، ويهدم أساس كيانه وهو الاعتماد على السلطة السياسية الطاغوتية التي يمثلها فرعون رأس النظام ذاته ، وأيضا السلطة الدينية والثقافية الفاسدة التي كان يمثلها : الكهنة والأحبار لذلك جاء كبار رجال فرعون ومستشاروه اليه يخبرونه بالأمر ، ويحذرونه منه.
(وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ)
يبدو لي : أن مرادهم بالفساد في الأرض هو هدم الانظمة التفصيلية ، والكيانات والمؤسسات المختلفة للدولة ، بينما المراد من ترك فرعون هو ترك سلطانه السياسي ، والمراد من ترك الآلهة ترك خلفية هذا النظام السياسي والثقافي.