[١٢٨] وحين استخدم فرعون سلاحه الأخير ، وأراد تصفية المستضعفين جسديا ، أمر موسى قومه بالاستعانة بالله ، ويتساءل المرء : ما هي الاستعانة بالله؟
ونعرف الاجابة إذا تذكّرنا بأن لله الأسماء الحسنى ، وحين يؤمن العبد بربه يسعى لتجسيد ما استطاع من تلك الأسماء في ذاته ، فالعزة لله ولرسوله وللمؤمنين ، وحين يتصل العبد بالله تتجلى فيه صفة العزة الالهية ، كما تتجلى فيه صفة القدرة ، وعدم الخضوع لضغوط الشهوات ، أو الاستسلام للمتغيرات الآنية العاجلة ، وبقدر ذلك تتجلى فيه صفة الرحمة والشدة والحكمة والعلم و.. و..
وكلما زادت الأسماء الالهية الحسنى في المؤمن تجليا وظهورا كلما أصبح أقدر على مواجهة المصاعب وتسخير الحياة ، والله سبحانه خلق لعباده وسائل للتقرب اليه ، وللاتصال بينابيع قدرته وعظمته ، والأخذ بتلك الوسائل هو الاستعانة بالله ، فكلما تمسك المؤمن بتلك الوسائل كلما أصبح أشد قدرة وأكبر عظمة ، والتقوى هي جماع تلك الوسائل ، أما تفاصيلها فهي تلك المناهج التشريعية المعروفة في الإسلام وفي سائر الرسالات.
ومن أبرز تلك الوسائل هي : الولاية الالهية التي تتجلى في القيادة الرسالية النابعة من المبدأ ، حيث ان الاستعانة بالله تعني بالضرورة المزيد من التمسك بهذه القيادة ، وتوحيد الجهود تحت رايتها ، لذلك فحين أمر موسى (عليه السلام) قومه بالاستعانة بالله كان يعني كل ذلك ، ولكن مع ذلك ركّز موسى (عليه السلام) على صفتين أساسيتين هما : الصبر والتقوى ، الصبر لرؤية المستقبل والاستقامة على مشاكل الحاضر ، والتقوى للالتزام بكل المناهج المفصلة التي تضمن تفجير الطاقات ، واستغلال المواهب ، وتربية الشخصية الرسالية العاملة ، وبالتالي توفير كافة عوامل النصر في الفرد والمجتمع الرسالي من عوامل مادية أو معنوية .. من هنا :