(وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ)
كان المطر يملأ مراعيهم خضرة ، ويملأ نيلهم ماء فيسقي البساتين فتزداد الثمرات ، ولكن حين قلّ المطر أصبحت الصحاري جفافا والبساتين يابسة.
(لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)
فيعرفون أن هذه المدنية ليست من ذاتهم بل من الله سبحانه.
[١٣١] البشر قد يغفل وقد ينام وقد يغمى عليه ، ولكنه بالمعالجة يتذكر ويستيقظ ويحس ، أمّا الذي فسدت رؤيته وانحرفت ثقافته فانه لا تنفع معه المعالجة ، فمثلا : البشر العادي حين تراه قد استغنى ولا يحتاج الى أحد يستبد به الغرور والاستكبار ، ولكن إذا فقد سبب غروره وافتقر عادت نفسه الى حالته الأولية وتقبّل الهداية.
أما البشر المعقد الذي تحضّر واستبدت به ثقافة خاطئة ، وفقد فطرته الأولية ، فان تلك الثقافة تبقى معه حتى بعد رحيل النعم عنه ، وعودته الى الحالة الطبيعية ، فلا يزال مغرورا بذاته وبمنجزات آبائه وبمكاسبهم ، لذلك لا يصدق نفسه حتى أن نزل عليه البلاء ، بل ويزعم ان هذا البلاء انما سببه بعض الطوارئ الخارجة عن إرادته ، وانه استثناء ، إذ يزعم أن الحضارة جزء من ذاته ، ومعلولة عن عنصره ، وعن بلده وعن أفكاره ، لذلك ترى قوم فرعون ينسبون الحسنة الى أنفسهم والسيئة الى موسى (عليه السلام).
(فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ)
يقولون ان السيئة انما هي بسبب موسى ، كما تنسب الأنظمة الفاسدة اليوم المشاكل كلها الى الحركات الثورية ، حيث تزعم انها ـ دون فساد أنظمتهم ـ