السقوط لا يشعر بها المغرور الفرح الا بعدئذ. لذلك عبر القرآن عن حالتهم : بأنهم كانوا آنئذ مبلسين ، وكانوا في ظلام دامس.
أن مثل الامة مثل الشاب الذي يسرف في ـ الطعام والشراب والجنس والبطش والفساد ـ ويستمر لفترة من الوقت حتى يشعر بأن كل لذائذ الدنيا في متناول يده ، وهو لا يدري أنّ أنواعا من المرض قد أحاطت بجسده ، وأن سحبا داكنة من حقد المظلومين ، وأنصار الحق تقترب منه ، وفي لحظة سوداء ، وربما وهو جالس على مائدة الشراب ، ولذائذ الطعام ، والى جانبه فتيات الحب ، وغلمان الشذوذ ، وهو في غمرة من الفرح والإشباع ، فاذا بالشرطة تداهم بيته ، وإذا به يشعر بأنواع الألم وهو في غياهب السجون ، وأذا به في موقع لعنة الناس جميعا ، وأخيرا يسلّم الى حبل المشنقة غير مأسوف عليه.
كذلك الامة التي تنفلت من قيود الدين والأخلاق ، وتعمل بالظلم والبطش وتسرف في كل شيء ، انها تشعر بالغرور والكبرياء ، ولكن في لحظة واحدة يهجم عليها عدوها فيهزمها شر هزيمة ويذيقها الأمرّين.
[٤٥] وحين تنتهي هذه الحولة ينحسر غبار المعركة عن أمة سادت ثم بادت ، ولم يبق منها سوى الذكر السيء.
(فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)
وهذا الحمد ، هو حمد الناس حين يشعرون بأن كابوسا عظيما ارتفع عنهم ، وهو حمد الناس حين يعرفون أن رحمة الله هي التي أنقذتهم من هذا الكابوس بفضله العظيم.
ولو لا رحمة الله الذي أجرى هذه السنة الحكيمة أذا لبقيت الجماهير ترزح تحت نير الطغاة.