ورائهما من حقائق وواقعيات. انه آنئذ يرى شعلة النار دون أن يعقل أن الشعلة نذير الحرارة ، والحرارة سبيل الاحتراق والانتشار ، وانها لا تنشأ بلا سبب ، وان الذي أشعل النار كانت له دوافعه وأهدافه. كلا .. إنه يرى الشعلة فقط ، وقد يقع فيها ويحترق. كذلك الذي يختم الله على قلبه. يقف في فهم الحقائق عند حد معيّن دون أن يصل الى الجذور البعيدة لها. يرى الفقر دون أن يعرف ان النظام الاقتصادي هو وراء الفقر. يرى المرض دون أن يعرف أن اللامبالاة في الوقاية هي السبب. يرى العجز الحضاري دون أن يهتدي الى ان الطاغوت هو السبب المباشر أو غير المباشر له ، وهكذا يبقى في العذاب أبدا.
(انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ)
ان الله يبيّن الآيات بصورة تفصيليّة وواضحة ومع ذلك :
(ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ)
أي أنهم بعد تصريف الآيات وبيانها تراهم يعرضون عنها كأنها لا تهمّهم.
بينما لو فكروا قليلا لأدركوا أن الإله الذي يتضرعون اليه عند ما تضرب سفينتهم الأمواج العاتية التي تحمل في طياتها الموت ، أو عند ما يلفهم التّيه في الصحراء ويستبد بهم خوف الموت ، ان هذا الإله هو الذي وفر لهم هذه الحياة الآمنة ، وأنه لو شاء لسلب الامان من حياتهم ، بل أن كلّ لحظة تمر بهم هي لحظة رعب ، ولو لا أمان الله القادر لسلب منهم رحمته ، وآنئذ يكون أبسط شيء في الحياة سببا في هلاكهم فلما ذا لا يتضرعون إلى ربهم في هذه الأوقات التي يزعمون إنها عادية؟!
[٤٧] أو تكون للإنسان أوقات عادية ، وأخرى استثنائية ، أو لا يحتمل البشر في