مخلوقان لله ، مدبران بأمره سبحانه.
ولكن الإنسان يملك ـ بإذن ربه ـ ميزة أساسية بين الخلائق هي انه سيدها الذي سخر الله له إياها ، ولذلك فهو يحمد ربه.
وإذا أراد الإنسان أن يكرّس في ذاته صفة السيادة على الكون فليس عليه سوى المزيد من الارتباط بربه الذي سخر الكون لأمره.
معرفة الله :
ان معرفة الطبيعة من دون إله لها يعني ان المادة بلا روح ، بلا قيّم ، وبلا نظام ، ومعرفة الله بعيدا عن الطبيعة يعني البحث في فراغ ، في التجريد ، في اللاشيء ، وسواء كانت هذه أو تلك فهي تنتهي بالإنسان الى اللامسؤولية واللّاإلتزام ، وبالتالي اللّاوعي.
المادي الذي يختصر حياته في الأشياء ، ولا ينظر عبر المادة الى ما ورائها من هيمنة الله ، وقيامه وملكه وسلطانه ، إنّه لا يشعر بالتزام تجاه المادة ، لأنّ المادة لا حياة لها ولا عزة لها ولا حكمة.
المادة لا تراقبه ، ولا تحاسبه ، ولا تجازيه ، بل لا يشعر بها ، فلذلك فهو ينفلت عن التقيد بالمسؤوليات.
وكذلك الصوفيّ الذي يؤمن بالألفاظ والكلمات ، والخلسات والهمسات ، ولا يؤمن باله الحياة والنظام ، والتدبير ، والملك ، والحساب والعقاب ، انه لا يؤمن بالطبيعة كمظهر سام من مظاهر الحياة التي وهبها الله ، والنظام الذي قام عليه وأجراه سبحانه ، وبالتالي لا يؤمن بالطبيعة كاسم من أسماء الله سبحانه إن هذا الصوفي ، هو الآخر لا يشعر بمسؤولية أمام الحياة التي فصلها عن الله.