ثم إنه أمر بالمسير إلى الجبل من الباطنة ليقطع لخلف بن مبارك القصير حين نهوضه من مسكد إلى الرستاق ، فكان محمد يصل هو ومملوك له إلى الغبرة ، ثم علم خلف بن مبارك أن محمد بن ناصر قاطع له فلم يخرج من مسكد وجعل الحرس على الطرق والأسوار ولم يكن له قدرة على ملاقاة محمد ابن ناصر وأقام محمد بالحيل قدر نصف شهر وصالحه المعاول ثم نكثوا ، ثم رجع إلى سمايل.
ذلك أن المعاول وقعت بينهم وبين خلف بن مبارك شرهة وعتاب ، وأخلوا عليه حصن بركا وأرسلوا إلى محمد بن ناصر فهبط والتقوه المعاول وعاهدوه على أن يخربوا مسكد ، ثم إن محمد ارتفع مغربا فظنوا أنه يريد حصن بركا فساروا ونزلوا الحراري وكان نزول المعاول وسط قوم محمد بن ناصر ، فجعلوا خادما لهم يعمل طعاما وفرشوا فرشهم وسار كل اثنين منهم نحو الخور ليصلوا المغرب أو العصر حتى خرجوا كلهم متسللين لواذا فدخلوا حصن بركا ليمنعوه من محمد بن ناصر ، وأما ركابهم فإنهم جعلوا عليه أطنابا وقالوا له سر كأنك تسير نحو الفلاة فما لبث حتى دخل بهم وادي المعاول ، وأما محمد بن ناصر فإنه أرسل إلى المعاول فأخلفوا من متاعهم في عسكره وارتفع هو إلى سمايل.
وحمل أهله ورجع يريد البدو من عامر بن ربيعة وأهل سعلى ومن يشتمل عليهم من سكان الباطنة فعقر عليهم إبلا كثيرة فكان راكبا على فرس وبيده كتارة (١) ورمح يضرب يمينا وشمالا يقطع أعناقها ويعرقب أرجلها ولم يرض لأحد أن يأخذ منها ووصل إلى فريق من فرقانهم وقتل رجالهم فصاحت نساؤهم الأمان يا خلف بن مبارك إنا في طاعتك يظنونه خلفا ، فأكثر في قتلهم
__________________
(١) الكتارة : السيف العماني وهو سيف ذو حدين.