فلما فرغوا من البيعة زوجوه بامرأة من كرايم نسائهم وكل هذا والملك لم يعلم بشيء منه ، فلما فرغوا من أمر التزويج عاهدهم سليمة على ليلة معلومة ليزفوه إلى الملك وقال أشهروا أمر التزويج ليتهيأ له الملك وليتأهب إلى مباشرة العرس.
فلما كان تلك الليلة أشهروا الزفة وعمدوا إلى سليمة فألبسوه الحلل الفاخرة والحلي السني وضمخوه بالطيب وكان شابا حسنا جميلا ، وكان قد شحذ سكينا وجعلها في سراويله وزفوه في الخدم والحشم حتى انتهوا به إلى الحصن ففتحت لهم الأبواب ودخلوا به ونظر إليه الملك في ضوء المشاميع وهو في تلك الهيئة الحسنة الجميلة فهاله منظره وسلب لبه وعقله فأومأ إلى النساء والخدم لينصرفوا فانصرفوا فأغلق الأبواب وأرخى الستور وبقي هو وسليمة في غرفة واحدة ، وأهوى عليه يقبله ويضمه إلى صدره فاسترخى إليه سليمة وجعل يلاعبه ويداعبه ، كما تفعل الجارية حتى تمكن منه فأخرج السكين وضربه في خاصرته وقتله ، ولبس سليمة درع الملك وتقلد سيفه وجعل على رأسه البيضة وبات متأهبا ولم يعلم أحد بما صنع بالملك ، وبات الذين بايعوه في خوف عظيم لا يدرون ما يكون من أمر سليمة والملك.
فلما طلع الفجر وثب سليمة إلى الأبواب ففتحها وخرج على الحراس وخاصة الملك وحجابه فوقع فيهم بالسيف حتى أباد عامتهم والباب العامد مغلوق لم يفتحه ، ووقع الضجيج في الحصن وعلت الأصوات فأقبل أهل البيعة وغيرهم من أهل البلاد بالسلاح التام فأشرف عليهم سليمة من أعلى الحصن وعليه الدرع والبيضة ، وبيده سيف الملك يقطر دما ، ورمى إليهم برأس الملك وجثته فلما نظروا إليه هالهم ما رأوه من أمر سليمة وجرأته وسر ذلك كثيرا من أهل البلد وخاف من لم يسره ذلك ولم يقدر يظهر حربا ولا كلاما واستقام الأمر لسليمة بأرض كرمان وسلمت له جميع رعاياها طوعا ورغبة ورهبة.