وبخاصة على مقربة من البحر ، صخور مميزة حادة الأطراف. وإلى الشرق من مكة ، تبلغ سلسلة الجبال المسماة هناك «السراة» ارتفاعها الأعلى ، ـ زهاء ٦٥٠٠ قدم في جبل القرى.
والجبال تتقطعها فجاج رملية خالية من الماء يسمون الواحد منها هنا «وادي» ، وأهمها تتجه نحو البحر. وفي قاع هذه الفجاج فقط توجد ينابيع الماء النادرة في الحجاز. فليس البتة في الحجاز لا نهر ولا حتى نهير. وماء الينابيع الذي يسيل هنا وهناك في قاع الوادي ينفقونه في الحال لري البساتين ومباقل الخضراوات. والسكان الرحل يستعملون في المعتاد الآبار والصهاريج التي تمتلئ بالماء السائل من الجبال أثناء الأمطار الغزيرة.
وأغنى الفجاج بالماء ومظاهر السيول (١) هي وادي فاطمة ، وادي الليمون ، السيل الكبير قرب مكة ، وادي الصفراء غربي المدينة المنورة.
إن منظر الحجاز هو على العموم واحد ـ كئيب وصارم ومرهق بقحله وانعدام الحياة فيه ؛ ففي كل مكان تلال حجرية ، عارية ، خالية من أي نبات ، صخور متراكمة بوثوق وبلا نظام ، مكسوة دائما بعتمة رمادية ما ، واودية ضيقة ذات جوانب معلقة تقريبا ؛ أما الخلفية العامة للوحة ، فرمل أصفر في كل مكان يشكل قاع الفجاج ويملأ الفجوات بين الصخور وغالبا ما يبدو بصورة انهيالات قرب ذري الجبال بالذات.
بين الجبال والبحر يمتد شريط ساحلي منخفض ، متساو ، عرضه ٥ ـ ١٠ فرستات، اسمه «تهامة» ، وتتشكل تربته من رمل بحري مكثف جدّا. ومن جراء تسرب ماء البحر ، كانت مياه جميع الآبار في تهامة مالحة نوعا ما ؛ وسكان الساحل يستخدمون في المعتاد الصهاريج.
__________________
(*) كلمة «سيل» («سيول») ـ اسم محلي مستعمل ، مثلا ، في تركستان أيضا للإشارة إلى سيول ماء المطر العاصفة المتدفقة من الجبال. ملاحظة هيئة التحرير.