الأزمنة الغابرة لدائنيهم : ـ «أنتظر قليلا ، سأذهب إلى بلاد الفرس لأجل نهب المال وأدفع ديني» ، كذلك البدو يطمئنون دائنيهم قائلين : «أصبر حتى وصول الحجاج ، انهب أحدا منهم وادفع ديني».
إن البدو الذين يتعاطون النهب والسلب يتتبعون القافلة كما تتتبع الذئاب الجائعة القطيع ، متخفين نهارا في مكان ما في الجوار ، ملاحظين المسافرين المتخلفين ، وخارجين إلى القيام بعملهم عند هبوط الليل. وحين تتوقف القافلة في الظلام لأجل الراحة ، ويحدث في هذه الحال الهرج والمرج العادي ، يتسنى لهؤلاء الضواري أن يختلطوا مع أهل القافلة ويقطعوا الزنانير التي تحفظ فيها النقود عادة ، صاعقين مسبقا بضعة أشخاص بضربات على القفا بالهراوة ، الأمر الذي غالبا جدّا ما يسفر عن الموت. وعند ما تكون القافلة قد وقفت وهدأ الهرج والمرج ، واضيئت المحلة بالمشاعل ، يترصد هؤلاء الأشرار المسافرين الذين يتنحون لقضاء حاجتهم ويبتعدون بدون احتراس ، ونادرا ما يعودون. وفيما بعد ، حين تغفو القافلة ، يعمد هؤلاء البدو إلى السرقة ، متسللين خفية ، ويسلبون كل ما تقع عليه ايديهم. وهناك كثيرون يعتقدون ، وليس دون مبرر ، أن مقترفي أعمال النهب والسلب هم سواقو جمال القافلة بالذات الذين ، كما يقال ، يعرفون جيدا جدّا الأشرار ، ويعطونهم التعليمات بصدد من ينهبون وكيف ، وما إلى ذلك ؛ ولهذا يحاول المسافرون بجميع الوسائل أن يستميلوا سواقي الجمال في قافلتهم ، بإعطائهم يوميا البخشيش ، وبقايا الطعام ، وما شاكل.
والأتراك هم ، لسبب ما ، أكثر من يعانون من عمليات السلب والنهب هذه ؛ وفي هذه السنة ، بلغ عدد القتلى من الحجاج ، أثناء سير قافلة من الحجاج من المدينة المنورة إلى مكة المكرّمة زهاء ٥٠ شخصا ، وبلغ في طريق العودة ١٠ أشخاص ، والقتلى جميعهم تقريبا من الأتراك. ومرد ذلك ، كما يفسرون ، إلى أن الأتراك المسلحين دائما يتنحون بلا