صهاريج عامة مقاييسها أكبر. وفضلا عن ذلك يستجلب البدو من خزاناتهم الماء على ظهور الجمال لبيعه.
منذ ٤ سنوات هطل الوابل الأخير الذي ملأ جميع صهاريج ينبع وضواحيها ؛ ولذا كانت جميع الأقبية في المدينة أثناء إقامتي فيها فارغة من زمان. وبعد فترة وجيزة شرب الحجاج كل مضمون الصهاريج العامة أيضا. كما نفد احتياطي الماء عن البدو ، ولذا شرعوا بحكم الضرورة يستجلبون الماء من على بعد ٢٥ فرستا من منابع ينبع النخلة ويبيعونه ب ٦٠ كوبيكا للدلو الواحد. وكان ماء الصهاريج كثيفا ، وغير مستطاب الطعم ، وكان يباع بنحو ٥٠ كوبيكا للدلو الواحد.
وبسبب رداءة الماء القصوى أغلب الظن لم ار أثناء إقامتي مدة أسبوع في ينبع إنسانا واحدا لم يتذمر من ألم في البطن ومن انحطاط القوى العام. وكان عدد الوفيا كبيرا. وكانوا كل يوم يدفنون ٥ ـ ٦ أشخاص من الحجاج البالغ عددهم حوالي ٣٠٠٠.
وفي المدينة يسود قذر فظيع وعلى الأقل في زمن تجمع الحجاج. ونظرا لقلة البيوت يعيش الحجاج في الأراضي الخالية والساحات على مقربة من البحر. وهنا بالذات يرمون كل النفايات. والأماكن المخيفة المعزولة إلةى هذا الحد أو ذاك والمضحل العريض تستعمل لقضاء الحاجة. والمضحل يغطيه الماء على عمق تافه أثناء المد ويتعرى أثناء الجزر فتفوح منه إذ ذاك رائحة كريهة رهيبة. ولم يتسنّ لي أن أرى في أي مكان وزمان مثل هذه الكثرة من الذباب كما في ينبع. وهنا لا يمكن السير في الشوارع ، ناهيك عن البازار القذر ، دون أن يكون في اليد شيء ما لطرد الذباب على الدوام ؛ وفي النهار يستحيل كليا الجلوس للأكل ؛ وفي البازار لا يمكن إيجاد أي شيء من المآكل لم يترك عليه الذباب آثاره.