وعلى جميع البواخر التي تقوم بنقل الحجاج ، يوجد أطباء تحت تصرفهم صيدليات صغيرة.
الأشخاص المسافرون في حجرة من الدرجة الأولى أو من الدرجة الثانية يتواجدون بمثابة استثناء نادر جدّا ؛ والحجاج العاديون يشغلون في المعتاد أماكن على المتون أو في العنابر دافعين لقاء السفر إلى ينبع أو إلى جدّة ليرتين تركيتين (حوالي ١٧ روبلا) بالفرد الواحد ، ولكن البواخر التركية تنقل كذلك مجانا جمهور الحجاج الفقراء ذهابا وإيابا.
تأخذ بواخر الشركات الثلاث الأخيرة عددا من الركاب كبيرا إلى حد أن تكتظ الباخرة كلها بهم حقا وفعلا ، غير تاركين أية ممرات على الإطلاق. وقد تأتي لي أن أسافر من السويس إلى جدّة على سفينة صغيرة لشركة ماغري ريني وشركاه ؛ كان عدد الركاب ٨٥٠ شخصا فاحتشدوا فيها بضيق لا يوصف. وبسبب قلة الأماكن ، شغلوا كل متن الدرجة الأولى ونصف مركز الربان ، وحتى ملأوا زوارق الانقاذ. وكان اكشاك مركبة كيفما اتفق من الواح خشبية ومعلقة خارج المتن بمثابة مراحيض ؛ ولأجل الوصول إليها كان ينبغي التسلق فوق سياج عال ، الأمر الذي كان بالنسبة للكثيرين عملية صعبة ؛ وعشية الوصول إلى جدّة ، هبت في المساء عاصفة قوية ودامت الليل كله ؛ ومن الصعب أن يتصور المرء ما حدث آنذاك على هذه الباخرة المكتظة بالناس. ومن الأحاديث مع الطبيب علمت أنه تحدث بين الصغار أثناء الانتقال محتلف الأمراض الوبائية وأن ولدين ماتا في الرحلة السابقة من الدفتيريا (الخناق). ولا يجري التطهير الوقائي في الباخرة.
في طريق العودة سافرت من ينبع على باخرة أفضل تابعة للشركة الخديوية سابقا ، ولكن الضيق هنا أيضا لم يكن أقل رعبا ، بل كان أشد وأقسى من جراء القيظ الرهيب. وفي العنبر وفي الحجرات لم يكن ثمة