وقد أفادني بعض من الحجاج ممن كانوا في الطور في السنة الماضية أيضا (سنة ١٨٩٧) أن ظروف الحجر الصحي في السنة الجارية أخف إلى ما لا قياس له ؛ فآنذاك وصلت من ينبع دفعة واحدة ٦ بواخر ؛ والبواخر التي وصلت بعد غيرها اضطرت إلى انتظار دورها لانزال الركاب اكثر من ١٠ أيام ؛ وهذه الأيام لم تدخل في حساب مدة الحجر الصحي (١٥ يوما). وهكذا ، امضى ركاب الباخرة «ماغنيت» في الطور ٢٧ يوما. وأثناء التعقيم ، أصاب التلف عددا كبيرا جدّا من شتى الأشياء. مثلا ، قدّر أحد المسلمين من رعايا روسيا خسائره بمبلغ يربو على ٥٠٠ روبل.
إن كل حجر صحي هو بالطبع عبارة عن مضايقة معينة ، أي التأخر مدة متفاوتة الطول في الطريق ، والنفقات الإضافية ، والحرمانات ، والانتقال مع جميع الأمتعة إلى الشاطئ والعودة معها إلى الباخرة ، وما إلى ذلك ؛ ولكن إذا تفحصنا نظام الحجر الصحي في الطور ، اتضح لنا جزئيّا لماذا ينظر الحجاج إليه باحتراس وحذر وخوف. ليس من الصعب اقناع الحجاج أن التعقيم ضروري لتحاشي نقل الوباء إلى وطنهم ، رغم أن لديهم اعتراضا جاهزا مفاده انه لم يكن ثمة أي وباء في النقاط التي زاروها في الحجاز. ولكن حين يرون أن بعض الأشياء يجري تعقيمها ببالغ الصرامة وأن أشياء أخرى مماثلة تمر بدون أي تعقيم أو تطهير ؛ وحين يرون كيف يجبرونهم على التعري تماما ويرسلون جميع الألبسة إلى مقصورة ، وكيف يسمحون بابقاء الأشياء الصغيرة ، وكيف لا يغسلون أجسام الحجاج بأي شيء ـ حينذاك يفقد الحجر الصحي بالطبع كل ثقة. إن التعري أمام الآخرين هو بحد ذاته عمل مرهق جدّا بالنسبة للمسلمين ؛ وارتداء البياض القذر ، يمكنه بالطبع أن ينقل إلى الناس الاصحاء عدوى شتى الأمراض الجلدية ؛ فبين الحجاج ، يوجد مصابون بالسفلس ؛ وقد يكون بينهم برص زاروا الأماكن المقدسة بحثا عن الشفاء ؛ وأخيرا يتسبب