أفضل ، ولجرى تعقيم الأغنام المذبوحة في منى بأسلوب من الأساليب الفعالة ، ولجري استعمال هذه الأموال الكبيرة المصروفة عبثا في مهب الريح لما فيه فائدة القضية ، ولتم مد السكك الحديدية في ربوع الحجاز ولجرى الحج كله ، باستعمال واسطة المواصلات هذه ، في غضون ٧ ـ ١٠ أيام ، ولصار ظاهرة عادية ، ولفقد الحجاز سمعته الرهيبة كبؤرة للأمراض المعدية ؛ ولكن ، من جهة أخرى ، لو كانت هناك حكومة أشد همة ونشاطا ، لأستفادت ، بالتأكيد ، من تجمع الحجاج هذا في أغراضها السياسية أيضا.
لا ريب في انه لن يكون من الممكن في وضع الأمور القائم تطبيق هذه التدابير غير المعقدة من قبل السلطات التركية بالذات رغم جميع المطالب على الورق ؛ ولهذا قد يكون من الأصوب تعيين قناصل أو نواب قناصل الدول الغربية في مكة بالذات عوضا عن جدّة ، وتعيينهم من عداد المسلمين وتكليفهم بالإشراف على كل الجانب الصحي وانفاق المبالغ المعتمدة لهذا الغرض.
أما فيما يتعلق بالجانب المالي من المسألة ، فقد يكون من الممكن والعادل والصائب أجبار جميع الحجاج المسافرين إلى مكة على دفع مبلغ خاص من المال ، مثلا ، خمسة روبلات ، عند منحهم جوازات السفر ، ونظرا لمتوسط عدد الحجاج ـ ١٠٠ ألف شخص ، يبلغ الرسم المحصل بالأجمال زهاء نصف مليون روبل ، أي ما يكفي تماما لأجل تطبيق التدابير الصحية في غضون سنة بكاملها.
وعلى العموم أعتقد أن تنظيم قضايا الحج حاجة حيوية وملحة ، ولربما تجد حكومتنا من الضروري ، نظرا لوضعها السياسي بين الشعوب الإسلامية ، أن تأخذ زمام المبادرة في هذا المجال الهام.