ومنذ النصف الثاني من سنة ١٨٩٦ إلى سنة ١٩٠٠) من إعطاء جوازات السفر للحجاج نظرا لخطر الأوبئة في الشرق. إن غياب الوثائق الرسمية لم يقلل عدد الحجاج من رعايا روسيا ، ولكنه جعلهم رهنا بشتى ضروب الانذال الذين كانوا يأخذون منهم مبالغ ضخمة من النقود لقاء جوازات السفر. وإن الرسم الكاريكاتوري الذي أخذناه من مجلة المسلمين التقدميين «الملّا نصر الدين» الصادرة في تفليس يسخر من جشع «الشطار» الذين يبتزون الأرباح من طموح آلاف الحجاج غير المجربين وسعيهم المشكور إلى زيارة مكة المكرّمة والمدينة المنورة. وقد كتب ياروف ـ رافسكي : «يتشكى جميع الحجاج على الخصوص من ابتزاز الأموال الرهيب في عموم افغانستان. فعن حق دخول الأراضي الافغانية ، وعن الحصان ، وعن الأشياء ، وغير ذلك ، مثلا ، كانوا يتقاضون في مزاري شريف من كل حاج روبية وأكثر ، وفي وزير آباد روبيتين ، وفي باميان وقاضي آباد وطوشزار روبية ، وفي شاريقار ٩ روبيات ، وفي كابول ٢ / ١ ٥ روبيات ، وفي جلال آباد روبية ، الخ .. وفضلا عن هذه الأتاوى ، لم يكن من النادر أن يصبح الحجاج ضحايا الكذب والخداع والابتزاز في بومباي من جانب من كانا يقولان عن نفسيهما أنهما وكيلا حجاج بخاري ، سليمان خوجا (وهو من مواليد انديجان) ويوسف علي (من مرغلان). ويقول الحجاج أن سليمان خوجا الذي أرسل منذ عشر سنوات إلى بومباي مع أوراق من أمير افغانستان بصفة دليل ووكيل لأجل الحجاج يبتز من كل منهم بضعة روبيات عن المسكن ، وعن أركابهم على متن باخرة ، وخلافه ، ناهيك بانه يجبرهم بالقوة على شراء الطحين والرز والقمح من بائع يعرفه ومنه وحده مؤكدا لهم أنهم سيبيعون كل ما اشتروه بربح في جدّة. صحيح أن نقل بضعة أكياس من الطحين والرز من بومباي بالباخرة مجاني ، ولكن ثمن هذا الطحين أو الرز أو القمح في جدّة مثل ثمنه في بومباي وأحيانا أرخص.