رحيلي من طشقند ، عن سفري للخدمة في جدّة ، ومن جدّة تلقى خبرا عن سفري إلى مكة ، فراح إلى لقائي ، واستقبلنا هنا بكل مودة وترحاب. وفي الغداء روى الكثير من الأخبار [...] وقد أعرب ، فيما أعرب ، عن استيائه من شريف مكة وكذلك من القنصل الروسي السابق في جدّة ، شاهيماردان إبراهيموف. ومحمد علي عربي أصيل ، عمره أكثر من ٦٠ سنة ، ويعرف اللغة التركية ؛ وهو على العموم شيخ محترم جدّا وكثير الكلام. منذ نحو عشرين سنة كان في روسيا ؛ وهو الآن يعمل دليلا لجميع التتر والقرغيز من امبراطورية روسيا ، حاصلا منهم على دخل عن القيادة في اداء فرائض الحج أثناء زيارتهم لمكة. وهو يحظى بين التتر والقرغيز بكبير الاحترام ، ولا يعرف من يأتون هنا لأجل أداء فريضة الحج وحسب ، بل يعرف أيضا جميع التجار والأغنياء المعروفين من التتر ، وكذلك الايشانات والملّات القاطنين في المدن الروسية والسهوب القرغيزية. وعفو الخاطر دهشت لمعرفته الشاسعة هذه عن روسيا وتركستان. فانا ، المقيم في تركستان ، لا أعرف الكثيرين من التتر المحليين ، بينما هو يعرف الجميع. ولكن كان من السهل تفسير ذلك ، فيما بعد ، لكون محمد علي يملك مجلدات كبيرة بقوائم المسلمين الروس. وهو يتراسل مع كثيرين منهم وأحيانا يرسل مع الحجاج العائدين إلى روسيا تلامذته لأجل جمع التبرعات.
تقع محطة حدّة في وسط الطريق بين جدّة ومكة. وهي تتألف من بضع منشآت شاسعة مبنية من احجار غير منحوتة مشدودة بالاسمنت. الحوش مسيج بسياج من الحطب القشاش. وفي الحوش ، بمحاذاة السياج ، توجد كثرة من الأكواخ المصنوعة من المادة ذاتها. وفيها يتوقف عادة الحجاج متسترين من أشعة الشمس الحارقة. إلى يسار الحوش الرئيسي يوجد حوش آخر مماثل تماما ولكنه أصغر. وفي عداد المنشآت الأخرى توجد مشأة من غرفة واحدة مع قاعة انتظار ومع حوش