اللذان لا يرضيان على قرار القاضي الوحيد الواحد ، يملكان الحق في استئناف الدعوى إلى محكمة أعلى تسمى «حكومة» تقوم بوظيفتها لدى الوالي ، كما سبق أن قلنا.
والحجاز على العموم بلد لا يميل إلى التقاضي. ومما له دلالته أن مواطنينا من تركستان يشغلون اهتمام المحاكم أكثر من جميع السكان الآخرين. ومن الجلي أنهم يحملون إلى هذا البلد ولعهم بالمجادلات وحبهم الحار للتقاضي بدافع من أمور تافهة في أغلب الأحيان. وليس عبثا يقال إن العادة طبيعة ثانية.
[...] يمكن تقسيم جميع الحجاج إلى أربع فئات : الفعليين ، الاختصاصيين ، التجار ، المحتالين. الحجاج الفعليون أو الحقيقيون يذهبون إلى مكة بالدافع الديني فقط ، كما يذهب المسيحيون إلى القدس والبوذيون إلى التيبت ، إلى لهاسا ، وخلافهم. وهم مشغولون حصرا بأداء فريضة الحج فقط أي بأداء الشعائر والوجبات الدينية ؛ وبعد ذلك ، يعودون فورا إلى الوطن. وهؤلاء هم بالطبع خيرة الحجاج. الحجاج الاختصاصيون يقومون بالحج بالنيابة عن الآخرين ، الأمر الذي تجيزه الشريعة ؛ وبما أنهم أناس ذوو خبرة في هذا المجال فإنهم يقومون بدور الأدلة لأجل المبتدئين ؛ ويسمونهم «البدلاء» ، أي أنهم يقومون بالحج
__________________
ـ المسلمين. وعلى أساس أحكام الشريعة ، يضع هؤلاء محموعة الأحكام القانونية في فصل معين من الحقوق ، عارصينه في شكل عقائدي لا وجود له إطلاقا في كتب الشريعة. ومشروع القانون الموضوع هنا يطبعونه ويرسلونه إلى المحافظات والقائمقامات في تركيا حيث توجد لجان ثانوية ، اقليمية. وهذه تدرس المشروع المرسل لها وتعيده مع إعتراضاتها وملاحاظاتها. وتدرس لجنة العاصمة هذه الاعتراضات والملاحظات ومشروعها هي نفسها وتضع نهائيا قانونا يصبح ساري المفعول ما أن يصادق عليه السلطان. هيئة التحرير [...] (أي هيئة تحرير المجلة التي نشرت فيها هذه الذكريات. الناشر).