بالنيابة عن الآخرين ، بدلا عنهم ، وليس بدون مكافأة بالطبع. و «بدلاؤنا» يتنقلون على الدوام بين روسيا ومكة محولين الحج إلى ضرب من حرفة. وهذه الحرفة يتعاطاها على الأغلب الملّات والائمة وخلافهم ، أي رجال الدين المسلمون. وعلى العموم قلما يسافرون للحج من أجل أنفسهم بالذات ، بل يذهبون في أغلب الأحوال بدور البدلاء. وهذه الحرفة ـ البدالة ـ متطورة بخاصة بين تترنا رغم أنها بدأت في الآونة الأخيرة تتطور بين سكان السهب القرغيز أيضا. الباهرة ، منيرة الجموع المبرقشة ، المنتعشة ، الصاخبة ، وألبسة الأولاد الغريبة. وفي كل مكان يتعالى قرع الدفوف وتنداح أغاني النساء ... الضجة ، التبرقش ، الانتعاش. وكل شيء أصيل ، فريد إلى أقصى حد [...].
ولكن لا بدّ من الإشارة إلى أن اخلاق النساء في مكة لا تتميز بصرامة خاصة. ومفهوم للجميع بالطبع أن الحال لا يمكن أن يكون على نحو آخر في مدينة يتجمع فيها العديد من الرجال ممن لا نساء ولا عائلات لهم. هناك رأي شائع مفاده أن بوسع الحجاج هنا أن يتزوجوا لمدد مختلفة ، من بضعة أيام حتى بضعة أشهر ، ولكني لا أستطيع أن أؤكد هذا الرأي ؛ بيد انه معروف أن الطلب يستتبع في كل مكان العرض ... وفي المدينة عدد كبير من العبدات ؛ وفي جوار المدينة أوكار من أدنى واحقر المستويات ...
وفي معرض الكلام عن نساء مكة ، لا أستطيع امتناعا عن الإشارة عادة من عاداتهن الفريدة. جميعهن يدخنّ ؛ وإذا أردن الذهاب في زيارة ، فإنهن يرسلن سلفا نارجيلاتهن ؛ وحين يصلن ، يجلسن ، ويدخنّ ويثرثرن مع ربة البيت ، كما يجري في كل مكان وعند جميع الشعوب. وعموما يشغل تدخين النارجيلة في الحجاز دورا مماثلا تقريبا للدور الذي يشغله عندنا السماور واحتساء الشاي أي القرى وتمضية الوقت [...] ولهذا يستعمل الجميع هنا التبغ ، وغالبا ما لا يجده الراغب في الدكاكين.