ذلك أعداء الله ، الله عدو لهم ، وهم أصدقاء الشيطان ، والحرب ضدهم عم يرضي الله الذي لا يقبل حتى صلوات المؤمنين من أجل خلاص الكفار.
إن من يؤدي فريضة الحج يبلغ بالتالي وضع القداسة ، وإذا ما حالفه الحظ وحمل إلى وطنه شعرة كانت في لحية النبي (لا يندر أن تكون ليفا من جوز الهند) ، فإن الحاج يلبس باعتزاز عمامته الخضراء ، ويرشد الشعب بالهام ، ويأخذ منه جزية لا بأس بها.
ولهذا لا يجوز البتة النظر إلى الحج من وجهة نظر واحدة ما ، مثلا ، من وجهة النظر الصحية ، بل يجب النظر إليه من وجهة مصلحة عموم الدولة ، التي تصغر حيالها وجهة النظر الصحية [ظهر ص ٨] إلى أدنى حد. ولهذا ، إذا كان من المفيد من وجهة النظر الصحية توجيه كل جمهرة المسلمين إلى نقطتين أو ثلاث ، فليس منالمفيد إطلاقا في مصلحة السياسة تمرير هذه الجمهرة عبر بوابة استنبول.
إن القسطنطينية تنتظر بفارغ الصبر دافعي الجزية هؤلاء ، لا عند سفرهم إلى الجزيرة العربية وحسب ، بل أيضا عند العودة ، حين يستطيع العلماء أن يستميلوا ويحولوا عقول السنيين البسيطة حسب مقياسهم هم بالذات. إن القسطنطينية بالنسبة للحاج إنما هي أكاديمية إضافية لنزعة الجامعة الإسلامية. فإن الحاج الذي استماله علماء القسطنطينية إنما يعود إلى موطنه مسلما ولد من جديد ، تغير تماما. فهو يتحول من إنسان بسيط ، شريف ، وحتى من تاجر طيب إلى بروفسور ، أستاذ ، يدعو إلى أفكار متسامية إلى حد أن السنة الجمع تنعقد من سماعها ، وبما أن الجمع لا يفهم ما لا يفهم الواعظ أيضا ، فإنه ينظر عفو الخاطر إلى استنبول بوصفها مركز الإيمان الصحيح الذي سينتقل إليه عاجلا أم آجلا صولجان الملكية المطلقة العالمية.