في ١٥ آذار ، نحو الساعة الثانية عشرة ، جئت إلى الجنرال في شقته ، على رصيف غاغارين ؛ دعاني مباشرة إلى فطور عائلي تحادثنا خلاله عن رحلتي المقبلة. نظرات الكسي نيقولايفيتش خارقة الطرافة. كان لطيفا ومحتفيا جدّا ؛ وقال لي عند خروجي انه يأمل في أن يراني مرة أخرى عند رحيلي وطلب أن آتي إليه مساء بعد الساعة الثامنة ، حين يكون عادة حرّا. ومن الجنرال رحت إلى الكسي غيورغييفيتش غوليكوف ، وتقابلنا كالأخوة ؛ وقد سررت جدّا لأنه شفي من المرض الخطير الذي أصيب به. ينصح الأطباء بالانتقال إلى الجنوب. تناولت الغداء ، كما في الماضي البعيد ، عند ميلبريت ، ورحت مساء إلى الصالة الكبرى في الكونسرفاتوار لحضور عرض قدمته فرقة خاصة من أوبيرا موسكو ؛ كانوا يعرضون أوبيرا «فاوست» ، ولكن العرض كان ضعيفا جدّا ، زلذا لم يحدث في نفسي لا لحن زيبيل ولا لحن ميفيستوفل المشهور ذلك الانطباع الذي استحوذ علىّ عند مشاهدتي الأوبيرا في مسرح ماريينسكي.
في ١٦ آذار رحت صباحا لتدبير بعض الأمور. كنت في جزيرة فاسيلييفسكي ، واضطررت إلى الذهاب في شارع كاديتسايا لينا. كم وكم من الذكريات بعثتها هذه الأنحاء في نفسي! فهنا أمضيت أفضل سني حياتي : أولا سنتين في مدرسة الامبراطور بافل التي أتذكرها دائما ، على نقيض الجمناز ، بارتياح خاص ؛ وهنا كان العمل وكان النوم الآمن ، والرفاق الطيبون. ولكم استغرقنا آنذاك في هواية المسرح والمطالعة! بعد خمس سنوات ، تأتي لي من جديد أن أعيش في هذه الانحاء بالذات بسعادة ، وأن يكن في أجواء مغايرة تماما. وقد حظي المدعو [ي.] بقسط كبير من السعادة.
حين عدت إلى منزلي نحو الثالثة ، علمت بوصول أخي ، ولكني لن أجده : فقد انتظرني زمنا طويلا ثم راح يتنزه. بعد فترة من الوقت عاد أخي. عاد عليّ اللقاء بمتعة كبيرة إذ أننا لم نتقابل منذ أكثر من سبع