وإذا كانت «يوميات» دولتشين تدل على مبلغ عمق الانطباع الذي تركته في شعوره الديني مراسم الحج (١) ، فإن «تقريره» يبيّن إلى أي حد تفهم بدقة واهتمام القضايا المطروحة أمامه.
وقد استفاد دولتشين في عمله من مصادر متنوعة باللغات العربية والتركية والاوروبية ، فضلا عن ملاحظاته ومراقباته الشخصية. وعلاوة على المعلومات المفصلة عن الحج عموما ، بما في ذلك ترجمة آيات من القرآن تتحدث عن الحج إلى مكة ، ووصف المراسم والشعائر بالتفصيل ، حلل دولتشين بدقة وعناية القضايا المتعلقة بحج المسلمين من رعايا روسيا وكذلك بالحجاج من الدول الأخرى ، وتناول الوضع الصحي الوبائي في الحجاز ، وساق قائمة الإجراءات الصحية ، الضرورية برأيه ، وأعطى وصفا مفصلا عن مكة والمدينة وسبل الحجاج. إن باب «معلومات أولية عن الحجاز» ينطوي على معلومات في غاية التنوع من وصف النباتات والحيوانات إلى مواد تتعلق بالميزانية والتقسيم الأداري. وتضمن «التقرير» معلومات طريفة ومفيدة ذات طابع عسكري وسياسي واثنوغرافي وتاريخي واقتصادي تتعلق بالجزيرة العربية والحج في أواخر القرن التاسع عشر. كذلك عكس «التقرير» جملة من القضايا التي اثارت الاضطراب بين المسلمين من رعايا روسيا. ومن هذه القضايا ، الدعاية لنزوح المسلمين من روسيا إلى البلدان الإسلامية. وبتأثير هذه الدعاية نزح ، مثلا ، من القرم إلى تركيا ، مئات الناس.
بعد العودة ، أعد دولتشين خلال بضعة أشهر «التقرير» للطبع ؛ وفي
__________________
(١) لم يكن دولتشين أول ضابط مسلم في الجيش الروسي يزور مكة. ففي سنة ١٨٤٥ ، قام بفرضية الحج عباس قولي آغا باقي خانوف (الاسم الأدبي المستعار ـ قدسي) المؤرخ والفيلسوف والشاعر الاذربيجاني البارز (١٧٩٤ ـ ١٨٤٦ ، العقيد في الجيش الروسي. في الطريق من مكة إلى المدينة ، مات بسبب الكوليرا ودفن في وادي فاطمة.