قال : شهاب (فعل ذلك مرارا) ، حتى ضجر مالك ضجرا شديدا من كثرة ما يردّ عليه ، حتى همّ ألا يحدثنا بشىء. وقال ابن بكير : كنا عند مالك ، فربما لم يحضر معنا عبد الملك ، فإذا انصرفنا ، أخذنا ألواحه ، فكتبنا فيها بعض ما سمعنا مما لم يسمعه ، فنقول له : اقرأ ألواحك ، فيقرؤها ويقول : حدثنا مالك ، حتى إذا فرغ منها ، ضحكنا منه. وقال يحيى : كنا نقول له : كتبنا لك ، فيقول : هى ألواحى ، وأنا كتبتها ، وسمعتها من مالك. قال : فنعجب منه ، ونضحك من شدة غفلته (١). وقرأ لنا على مالك فى «النّذور» ، فقال : «فقرّبت إليه جزءا ، وفتى مكسورا». فضحك مالك ، وقال : «جرو قثّاء مكسورا». عافاك الله (٢). توفى فى ذى الحجة سنة أربع وعشرين ومائتين. ويقال : كان مولده سنة أربعين ومائة (٣).
٨٨٥ ـ عبد الملك بن نصير (٤) المرادى (مولاهم المصرى) : مولى جنب ، من مراد. يكنى أبا طيبة. كان مفرض (٥) أهل مصر فى زمانه. وولده ، وولد ولده أهل معرفة
__________________
(١) الأنساب ٥ / ١٤٣ ـ ١٤٤ ، وسير أعلام النبلاء ١٠ / ٤٤٥ ـ ٤٤٦ (رواه ابن يونس).
(٢) المصدر السابق ١٠ / ٤٤٦. ووردت تلك العبارة ـ فى الأصل ـ فى (موطأ مالك) ، كتاب (النذور والأيمان) ، باب (ما يجب من النذور فى المشى) ٢ / ٤٧٣ (حديث رقم ٣). وفيه «يروى مالك عن عبد الله بن أبى حبيبة ، قال : قلت لرجل ، وأنا حديث السن : ما على الرجل أن يقول : على مشى إلى بيت الله ، ولم يقل : على نذر مشى. فقال لى رجل : هل لك أن أعطيك هذا الجرو (لجرو قثاء فى يده) ، وتقول : على مشى إلى بيت الله؟ قال : فقلت : نعم. فقلت ، وأنا ـ يومئذ ـ حديث السن. ثم مكثت حتى عقلت ، فقيل لى : إن عليك مشيا. فجئت سعيد بن المسيب ، فسألته عن ذلك ، فقال لى : عليك مشى. فمشيت. قال مالك : وهذا الأمر عندنا». ومعنى (الجرو) : الصغير من كل شىء (خاصة البطّيخ ، والقثّاء ، والرمّان ، وغيرها). وقد يعنى الثمر أول ما ينبت غضا ، وما استدار من ثمار الأشجار. (اللسان ، مادة : ج. ر. و) ١ / ٦٠٩ ، والمعجم الوسيط ١ / ١٢٤.
(٣) الأنساب ٥ / ١٤٤ (قال أبو سعيد بن يونس) ، وتاريخ الإسلام ١٦ / ٢٧١ (قال ابن يونس). ويمكن مراجعة دراستى المفصّلة عن (عبد الملك بن مسلمة) فى المجلد الثانى ، من رسالتى للماجستير ص ١٠٨ ـ ١١٩.
(٤) ضبطه ابن ماكولا بالحروف فى (الإكمال) ١ / ٣٢٢.
(٥) الفرض : الهبة ، والعطيّة المرسومة. الفارض ، والفريض : العالم بالفرائض ، وتقسيم المواريث (من الفعل فرض) ، والمفرض بالمعنى نفسه ، مأخوذة من الفعل (أفرض). أفرض لفلان : جعل لهم فريضة. افترض الجند : أخذوا عطاياهم. (اللسان : ف. ر. ض) ج ٥ / ٣٣٨٧ ، والمعجم الوسيط ٢ / ٧٠٨.