وقد استولى عليه الخراب (٥٨) ، فما شبّهته إلا ببغداد إلا (٥٩) أن أسواق بغداد أحسن ، وبمراكش المدرسة العجيبة (٦٠) التي تميّزت بحسن الوضع وإتقان الصنعة وهي من بناء مولانا أمير المسلمين أبي الحسن رضوان الله عليه.
قال ابن جزي : في مراكش يقول قاضيها الامام التّاريخي أبو عبد الله محمد ابن عبد الملك الأوسي (٦١) :
لله مراكش الغرّاء من بلد |
|
وحبّذا أهلها السادات من سكن |
إن حلّها نازح الأوطان مغترب |
|
أسلوه بالأنس عن أهل وعن وطن |
بين الحديث بها أو العيان لها |
|
ينشا التّحاسد بين العين والأذن!! |
رجع. ثم سافرت من مراكش صحبة الرّكاب العلي : ركاب مولانا أيده الله فوصلنا إلى مدينة (٦٢) سلا ثم إلى مدينة مكناسة العجيبة الخضرة النضرة ذات البساتين والجنات المحيطة بها بحائر الزيتون من جميع نواحيها ثم وصلنا إلى حضرة فاس حرسها الله تعالى فوادعت بها مولانا أيده الله ...
__________________
(٥٨) ملاحظة ابن بطوطة ناتجة عن أن مراكش التي كانت عاصمة سياسية للدولة الموحدية ، وكانت مقصدا للزوار من سائر جهات العالم هجرت بعد أن تمكن بنو مرين من السيطرة عليها حيث عادت العاصمة إلى مدينة فاس ...
(٥٩) كانت مقارنة مراكش ببغداد مقارنة في محلها سيما مع تقارب الطقس وتكاثف النخيل وقد شعرت بهذه المقارنة عند وصولي إلى بغداد سفيرا لبلادي حيث جرى حديث مع الجهات المسؤولة حول إمكانية التوأمة بين بغداد ومراكش ...
(٦٠) يعتبر ابن بطوطة أول رحّالة يتحدث لنا عن مدرسة السلطان أبي الحسن ، وقد كان ـ كما نعلم ـ معاصرا لنشاط المدرسة المذكورة كما سيتحدث عن هذه المدرسة ابن مرزوق وابن الوزّان ...
Deverdun : Marrakech, RABAT ٩٥٩١. ـ p. ٠٢٣ ـ ٢٢٣ ـ ٤٤٣ ـ ٨٦٥.
(٦١) القصد إلى ابن عبد الملك الأوسي المراكشي صاحب كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ، ترجم في أكثر من كتاب ، وقد كان فيمن ترجموا له العباس بن إبراهيم صاحب الإعلام بمن حلّ مراكش وأغمات من الأعلام ، ١٩٧٦ المطبعة الملكية ج ٤ ص ٣٣١ ـ ٣٣٢. المراكشي : الذيل والتكملة ـ القسم الأول تحقيق د. محمد بن شريفة ، مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية ١٩٨٤.
deverdun : inscriptions arabes de marrakech ـ rabat ١٩٥٦ p. ٢٢.
(٦٢) هذه إشارة هامة ينبغي الوقوف عندها ... وهي تفيد أن ابن بطوطة صحب ركب السلطان أبي عنان الذي غادر مراكش يحتمل معه شلو أبيه المتوفى يوم ٢٣ ربيع الثاني ٧٥٢ ـ ١٩ يونيه ١٧٥١ حيث تمت عملية الدّفن بشالة برباط سلا ، ومن المهم أن نلاحظ دهاء وكياسة ابن بطوطة حول عدم التعرض إطلاقا لما كان يجري على الساحة المغربية بين السلطان أبي الحسن وبين ابنه السلطان أبي عنان ممّا يهم الأسرة المالكة وحدها ومما يعتبر من القضايا الداخلية التي تقتضي التغاضي عنها!