صلىاللهعليهوسلم ، ثم إلى غزة (٧١) ثم إلى منازل الرّمل (٧٢) وقد تقدم ذكر ذلك كلّه ، ثم إلى القاهرة.
وهنالك تعرفنا أن مولانا أمير المومنين وناصر الدين المتوكّل على رب العالمين أبا عنان أيده الله تعالى قد ضمّ الله به نشر الدولة المرينية (٧٣) وشفى ببركته بعد إشفائها البلاد المغربية، وأفاض الإحسان على الخاص والعام وغمر جميع الناس بسابغ الإنعام فتشوفت النّفوس إلى المثول ببابه وأمّلت لثم ركابه ، فعند ذلك قصدت القدوم على حضرته العلية مع ما شاقني من تذكار الأوطان والحنين إلى الأهل والخلان والمحبة في بلادي التي لها الفضل عندي على البلدان.
بلاد بها نيطت عليّ تمائمي |
|
وأول أرض مسّ جلدي ترابها! |
فركبت البحر في قرقورة لبعض التونسيين صغيرة ، وذلك في صفر سنة خمسين (٧٤) ، وسرت حتى نزلت بجربة ، وسافر المركب المذكور إلى تونس فاستولى العدوّ عليه (٧٥).
ثم سافرت في مركب صغير إلى قابس فنزلت في ضيافة الأخوين الفاضلين أبي مروان ، وأبي العباس ابني مكّي (٧٦) أميري جربة وقابس ، وحضرت عندهما مولد رسول الله
__________________
(٧١) حول زيارته الأولى لهذه الاماكن ووصفه لها يراجع ج I ، ص ١١٤ (غزة) صفحة ١١٥ ـ ١٢١ (الخليل) ص ١٢١ ـ ١٢٤ القدس ص ٢٥٨ تبوك ـ ٢٦١ (العلا).
(٧٢) يقصد بمنازل الرمل المنطقة الصحراوية التي تفصل بين غزّة والقاهرة جنوب شرقي بلبيس ...
(٧٣) نذكر أن السلطان أبا الحسن والد السلطان أبي عنان ، بعد أن استرجع تلمسان عام ٧٣٧ ـ ١٣٣٧ ، استرجع كذلك تونس عام ٧٤٧ ـ ١٣٤٧ موحدا بذلك بلاد المغرب ، على ما سنقرأه في التعليق اللاحق رقم ٧٩ ـ يلاحظ سكوت ابن بطوطة عن زيارة الأميرة المغربية مريم لمصر ٧٣٨ وقد تحدث الناس بها دهرا كما يقول ابن خلدون. التازي : التاريخ الدبلوماسي للمغرب ج ٧ ص ٢٠٤ ـ بدائع الزهور ٤٧٢
(٧٤) أبريل ـ مايه ١٣٤٩.
(٧٥) أبو مروان أحمد بن مكي أصبح أميرا على جزيرة جربة بعد إجلاء الصقليين الغزاة عام ٧٣٥ ـ ١٣٣٥ وامتد حكمه فيما بعد إلى صفاقس ـ أخوه أبو العباس عبد الملك كان حاكما مستقلا لقابس ... كانا معا حليفين للعاهل المغربي أبي الحسن قبل أن يخذلاه في أعقاب فشله ويتحالفا مع أحد الأمراء الحفصيين ...
(٧٦) يشير ابن بطوطة هنا للقرصنة التي كانت رائجة على ذلك العهد في المنطقة ، ويذكر السّير هاميلتون گيب أن الأمر يتعلق بصقلية التي احتل أميرها روجي دوريا (Roger doria) جربة عام ٦٨٨ ه ١٢٨٩ م حيث بقيت الى عام ٧٣٥ ه ١٣٣٥ م عندما استردها المسلمون. ولا بد أن لا ننسى أن لحكام جزيرة سردانية كذلك حسابا قديما مع أهل تونس الذين كانوا قد استولوا على عدد من أهل هذه الجزيرة ، وأقاموهم على مقربة من جلولا التي لا تبعد عن القيروان إلا بأربعة وعشرين ميلا في موقع ما يزال إلى اليوم يحمل اسم سردانية ، وقد وقفت عليه ... وإني لأغتنم هذه الفرصة لأجدد الشكر للذين يسرّوا لي تلك الزيارة. التازي : الحضور العربي في جزيرة سردانية ، بحث قدم لمجمع اللغة العربية ، القاهرة مجلة المجمع ج ٧٤ مايه ١٩٩٤.