القرّة (١٢١) وأخذا بالحزم في قطع أطماع الكفار ، واكد ذلك بتوجّهه ـ أيده الله بنفسه ـ إلى جبال جاناتة (١٢٢) في العام الفارط ، ليباشر قطع الخشب للانشاء ، ويظهر قدر ما له بذلك من الاعتناء ، ويتولّى بذاته أعمال الجهاد مترجّيا ثواب الله تعالى وموقنا بحسن الجزاء.
رجع ، ومن أعظم حسناته ، أيده الله عمارة المسجد الجديد بالمدينة (١٢٣) البيضاء دار ملكه العلي ، وهو الذي امتاز بالحسن واتقان البناء وإشراق النور وبديع التّرتيب ، وعمارة المدرسة الكبرى (١٢٤) بالموضع المعروف بالقصر (١٢٥) مما يجاور قصبة فاس ولا نظير لها في المعمور اتساعا وحسنا وإبداعا وكثرة ماء وحسن وضع ، ولم أر في مدارس الشام ومصر والعراق وخرسان ما يشبهها.
وعمارة الزاوية العظمى (١٢٦) على غدير الحمّص (١٢٧) خارج المدينة البيضاء ، فلا
__________________
(١٢١) القيرة : سمح ابن بطوطة لنفسه باستعمال هذا التّعبير الإسباني (Guerra) ومن المعلوم أن هذا اللفظ كان جاريا على الألسنة لشدّة الجوار مع قشتالة ، وقد ظنّها البستاني محرفة عن كلمة الغزاة فاثبت هذه عوض القيرة!! وقد غقل د. عادل خلف عن هذه الكلمة في معجمه ...
(١٢٢) جناته (JANATENE) تقع جنوب غرب مدينة الخميسات وكانت جبالها غنية بأشجار العرعار على ما هو معلوم انظر الخريطة وقد اخطأ موني (mauny) وفريقه (١٩٦٦) عندما جعلوهاDJANET التي تقع غرب الجزائر كما أخطأ كيوك ١٩٩٥ عندما جعلها جنوب غرب غات وقد ذكر بيكينكام بأن تحديد الموقع غير معروف والواقع ما قلناه إن شاء الله! وإلى جناتة ينتسب عدد من العلماء والفقهاء. المنوني : نظم الدولة المرينية مجلة البحث العلمي ١٩٦٤. ذ. التازي : نصيب الأعلام الجغرافية المغربية من رحلة ابن بطوطة. الندوة العلمية لتاريخ الرباط ـ نونبر ١٩٩٥.
(١٢٣) القصد بالمسجد الجديد إلى جامع الحمراء من فاس الجديد لأن التشابه القائم بين شكل زخرفته وزخرفة مدرسة أبي عنان مما يرجح هذا ، ويحتوي على كرسي للعلم وخزانة للكتب. التازي : جامع القرويين ج III ـ ٦٨٣ ـ ٦٨٩
(١٢٤) تم بناء المدرسة البوعنانية عام ٧٥٦ ـ ١٣٥٥ قبل سنة من نسخ الرحلة ـ د. التازي : تاريخ جامع القرويين ج ٢ ص ٣٦٠ ـ تعليق ٢٧ ص ٥٨٩.
(١٢٥) هكذا كانت التسمية في القديم وقد هجر هذا الاسم اليوم وحل مكانه : الطالعة ومعلوم أن المدرسة تقع بين الطالعة الكبرى حيث الساعة المائية التي انشت عام ٧٥٨ بعد انتساخ الرحلة.
BEL : INSCRI. DEFESP. ٥٥٢
(١٢٦) الزاوية العظمى هي دون شك غير المدرسة الكبرى وقد أسلفنا الحديث عنها باسهاب في ٤٨ ,I فهناك نبهنا إلى أن جميع المعلقين من أمثال البروفيسور گيب ومن قبله وبعده التبست عليهم الزاوية هذه بالمدرسة ، وهناك أعطينا وصفا دقيقا لما كانت عليه قبل أن تختفي عن الأنظار بفعل الزلازل وتقلبات الأحوال .. وسنأتي في (الملاحق) على ما قيل عن هذه المعلمة الحضارية الكبرى.
انظر فيض العباب لابن الحاج النميري دراسة واعداد د. محمد بن شقرون. دار الغرب الاسلامي بيروت ١٩٩٠ ص ٢٠٦ ـ ٢١٨. المقري : أزهار الرياض ج ٣ ص ١٩٦ ـ ١٩٧ ، الرباط ١٩٧٨.
(١٢٧) القصد بغدير الحمص إلى وادي الجواهر على ما نقرأه في (روضة النسرين) لابن الأحمر ، ولفظ (حمص) أطلق ـ كما يقول العمري في مسالك الأبصار ـ على جانب من فاس العليا ، وقد أتى اسم حمص من اليهود الوافدين عليها من اشبيلية الذي تسمى حمصا لنزول أهل حمص السوريين بها ، وقد كانت راكبة على النهر وهي مشرفة على الجميع ، ومن هنا نعرف خطأ الترجمة التي ضبطت الكلمة بكسر الحاء وتشديد الميم وترجمت حمص المدينة بالحمّص النبات :(Pois chiches)!
وحمص لا تنس لها تينها |
|
واذكر مع التّين زياتينها |