وأقمت بهذه الجزيرة (الجاوة) شهرين ثم ركبت في بعض الجنوك وأعطاني السلطان كثيرا من العود والكافور والقرنفل والصّندل ، وزوّدني وسافرت عنه ، فوصلت بعد أربعين يوما إلى كولم ، فنزلت بها في جوار القزويني قاضي المسلمين ، وذلك في رمضان ، وحضرت بها صلاة العيد (١) في مسجدها الجامع ، وعادتهم أن ياتوا المسجد ليلا فلا يزالون يذكرون الله إلى الصبح، ثم يذكرون إلى حين صلاة العيد ثم يصلون ويخطب الخطيب وينصرفون.
ثم سافرنا من كولم إلى قالقوط وأقمنا بها أياما وأردت العودة إلى دهلي ، ثم خفت من ذلك (٢) ، فركبت البحر فوصلت بعد ثمان وعشرين ليلة إلى ظفار ، وذلك في محرم سنة ثمان وأربعين (٣) ونزلت بدار خطيبها عيسى بن طأطأ.
ذكر سلطانها [ظفار]
ووجدت سلطانها في هذه الكرة الملك الناصر بن الملك المغيث الذي كان ملكا بها حين وصولي إليها فيما تقدم (٤) ونائبه سيف الدين عمر أمير جندر (٥) التركي الأصل. وأنزلني هذا السلطان وأكرمني.
ثم ركبت البحر فوصلت إلى مسقط ، بفتح الميم ، وهي بلدة صغيرة بها السمك الكثير المعروف بقلب الماس (٦) ثم سافرنا إلى مرسى القريات ، وضبطها بضم القاف وفتح الراء
__________________
(١) يعني من عام ٧٤٧ موافق ١٥ يناير ١٣٤٧.
(٢) كان ابن بطوطة يخاف من السلطان محمد بن تغلق الذي قد يتّهمه بالتقصير في أداء المهمة ، وقد ذكرني حاله بحال الطبيب الصيدلي المعروف ابن البيطار الذي أقدم على الانتحار وقد خاف من بطش الملك الصالح الذي كان عهد اليه بمهمة علمية في مقابلة أموال سلّمها اليه على ما يقوله العمري فوقع ابن البيطار في حب نصرانية اسمها مريم ببيت المقدس انسته مهمته وصرف كل الاموال عليها حتى فوجئ ذات يوم بأن الملك الصالح يقوم بزيارة للمنطقة ...!! د. التازي : حياة ابن البيطار ، بحث ألقى بجامعة حلب بمناسبة اسبوع العلم الثالث والثلاثين بتاريخ ٦ ـ ١٢ نونبر ١٩٩٣ وصدر ضمن أعمال المجلس الأعلى ـ مطبعة دار الكتاب ـ سوريا ١٩٩٥.
(٣) أول محرم ٧٤٨ يوافق ١٣ ابريل مايه ١٣٤٧.
(٤) حول سلطان ظفار يراجع الجزءII ٢١١ ـ ٢١٢.
(٥) جندر وجندار وتجمع على جنادره تردد ذكرها وخاصة (II ، ٦٤ ـ ١٢٧ ـ ١٥١ ـ ١٧٤ ـ ١٧٥ ـ ١٩٨) ... وأغلب الظن ان الكلمة مخففة من جند دار ، وتعنى في الشرق الشرطى ، وفي اليمن تعنى الحرس الملكي ، وأمير جندار قائد الحرس ... وعند ذكر القلقشندي لوظائف الدولة ذكر إمرة جاندار وانها تعنى ما يشبه الحجابة وهو المشرف على الزردخانة (سجن خاص لكبار ورجال الدولة) التي هي أرفع قدرا في الاعتقالات ولا تطول مدتها فإمّا أن تبرأ ساحته أو يقطع رأسه ، وصاحب هذه الوظيفة هو الذي يرأس الزفّة (موكب السلطان) ... وصاحبها مقدّم الف.
(٦) قلب الماس تقدمت الكلمة عند حديثه عن مالديف ، ويشبه أبيرون في المغرب (IV ، ١١٢.)