غرناطة ، وأكرمني أشد الإكرام وتوجهت معه إلى زيارة الزاوية الشهيرة البركة المعروفة برابطة العقاب ، والعقاب جبل مطل على خارج غرناطة ، وبينهما نحو ثمانية أميال وهو مجاور لمدينة ألبيرة (٤٧) الخربة ، ولقيت أيضا ابن أخيه الفقيه أبا الحسن علي بن أحمد المحروق (٤٨) بزاويته المنسوبة للّجام ، بأعلى ربض نجد (٤٩) من خارج غرناطة المتصل بجبل السّبيكة ، وهو شيخ المتسبّبين من الفقراء.
وبغرناطة جملة من فقراء العجم (٥٠) استوطنوها لشبهها ببلادهم ، منهم الحاج أبو عبد الله السمرقندي ، والحاج أحمد التّبريزي ، والحاج إبراهيم القونوي ، والحاج حسين الخراساني والحاجان عليّ ورشيد الهنديان وسواهم.
__________________
(٤٧) يوجد في المخطوطات التي بين أيدينا كلمة (التيرة) بالتاء عوض (البيرة)(Elvira) الذي هو الصواب ، وهي خربة كما يقول نتيجة ـ على ما يبدو ـ لمعركة البيرة التي شاهدتها المنطقة سنة ٧١٩ ـ ١٣١٩ بين الأندلسيين والقشتالين.
(٤٨) أبو الحسن هذا ترجم له ابن الخطيب في الاحاطة ترجمة واسعة (٤ ، ٢٠١ ـ ٢٠٢) ونعته بشيخ الفقراء السّفارة والمتسبّبة بالرباط المنسوب إلى جده حسن الشكل أصيل البيت ، مترفّع ، حسن البزّة ... كان ممن امتحنوا من السلطان وقد عد مشايخه في لائحة طويلة ، ويلاحظ أن لسان الذين ذكر في عنوان الترجمة انه تحدث عن عمه وجدّه ...؟
(٤٩) نجد : علم جغرافي لموقع بضواحي غرناطة ، ويعتبر من أشرف وأطرف منتزهات العاصمة ليتفرج الناس ويصقلوا الخواطر بالتطلع في ظاهر البلد وهو ملاصق لجبل السبيكة ... وقد قيل فيها الكثير في الشعر :
يا من يحنّ إلى نجد وناديها |
|
غرناطة قد ثوت نجد بواديها |
قف بالسبيكة وانظر ما بساحتها |
|
عقيلة والكثيب الفرد جاليها |
ومن شعر سليمان الكلاعي :
أحنّ إلى نجد ومن حلّ في نجد |
|
وما ذا الذي يغنى حنيني أو يجدي؟! |
وقال احد الطارئين محمد الجبّائي :
قضوا في ربى نجد ففي القلب مرساه |
|
وغنّوا إن أبصرتم ثمّ مغناه!! |
ومن شعره كذلك
سرت من ربى نجد معطرة الرّيا |
|
يموت لها قلبي وآونة تحيى! |
الاحاطة ٨١٣ ـ ٧١٣,II ض. ـ المقري : نفح الطيّب ٣١٥ ,III.
(٥٠) لقطة هامة في تاريخ غرناطة تتحدث عن وجود جالية إسلامية من خارج المنطقة ، ويتعلق الامر بطائفة من المسلمين من الذين وردوا على الأندلس من سمرقند وتبريز وقونية وخراسان والهند ... وردوا على الأندلس كما كانوا يردون على أطراف المغرب منذ الفتح الاسلامي. وقد تضمنت بعض مصادر التاريخ الأندلسي والمغربي عددا من أسماء المشارقة الذين اختاروا المقام بالمغرب إما للجهاد أو للانقطاع للتجارة ، ونذكر من هؤلاء الصوفية فضل المعافري الذي أخذ عن غالب بن سيد بونه الخزاعي المترجم في الإحاصة الذي كان ثار على سماع الآلة الموسيقية المسمّاة الشبّابة وقد توفي عام ٧٣٣ كما نذكر سيدي السمرقندي دفين مراكش عام ٧٧٦ ـ ١٣٧٤ الإحاطة ٤ ـ ٢٣٩.