بأنلي واللبن والدجاج ودقيق النّبق (٣٨) والأرز والفوني ٣٩) ، وهو كحب الخردل ، يصنع منه الكسكسو (٤٠) والعصيدة (٤١) ، ودقيق اللّوبياء (٤٢) ، فيشتري منهنّ ما أحب من ذلك ، إلا أن الأرز يضر أكله بالبيضان ، والفوني خير منه.
وبعد مسيرة عشرة أيام من إيوالّاتن وصلنا إلى قرية زاغري (٤٣) ، وضبطها بفتح الزاي والغين المعجم وكسر الراء ، وهي قرية كبيرة يسكنها تجار السودان ويسمون ونجراتة (٤٤) بفتح الواو وسكون النّون ، وفتح الجيم والراء والف وتاء مثنّاة وتاء تانيث ، ويسكن معهم جماعة من البيضان يذهبون مذهب الإباضية (٤٥) من الخوارج ويسمون صغنغو بفتح الصاد
__________________
(٣٨) النّبق باللهجة المغربية يكون على مقدار الحمص تقريبا ، وفيه نوع أكبر يسمى في المغرب الزّفزف ـ Ju) (jub ويسمى بالعربية الفصحى العنّاب ... ويشبه به الشعراء أطراف أصابع العذارى ...
(٣٩) يلاحظ وجود الأرز في بلاد السودان الغربي ـ الفوني : فونيوDigitaria exilis وهو كما يقول العمري : «بنت مزغّب يدرس فيخرج منه شبيه حبّ الخردل أو أصغر وهو أبيض ، يغسل ثم يطحن ثم يعجن ويؤكل» مسالك الأبصار ـ السفر الرابع ص ٣٦.
(٤٠) يبدوا أن ابن بطوطة أول من استعمل هذا اللفظ بهذه الصيغة : الكسكسو وبها ورد في شعر ابن أجروم (ت ٧٧٢ ه) عندما استدعى زميله الماجري لتناول الكسكسو بالقديد واللفت!. وقد ورد ذكره في ترجمة أبى العباس أحمد المقري الذي زار القدس وكان الزوار اعتادوا الا يتناولوا عنده الا الكسكس. كما ورد في مذكرات السفير الزاياني وفي محاضرات اليوسى ويكثر التعليق على اصل هذه الكلمة سيما بعد أن اصبحت تنطق هكذا الكسكس! ويعتبر الكسكس الصحن المألوف في كل بيت مغربي بما فيه من أنواع تتجاوز العشرة ... ويعتمد على سميذ القمح أو الشعير أو الذرة أو أنلي مع اللّحم ـ د. التازي : التاريخ الدبلوماسي للمغرب ـ ج II ص ٣٠٨. د. شقور : الشعر المغربي في العصر المريني ١٩٩٦.
(٤١) العصيدة نوع من الطعام يرتكز كذلك على السميذ والدقيق على نحو الكسكس وهي غير الدشيشة طعام سيدنا ابراهيم لضيوفه (يراجع تفسير قوله تعالى : وجاء ضيف ابراهيم ... الآية.
(٤٢) ليس القصد إلى اللوبيا التي وردت من إمريكا ولكن القصد إلى ما يعرف ب : فاصوليا اليونان أو اللّاتين (PHASiOLUS) اللوبيا العربية معروفة في السودان تحت اسم نيبي (Niebe).
(٤٣) زاغري هو ماسينا الغربية المسمّى ديا غاراDiaghara من قبل المانديگ ، ودياگاري Diagari من قبل البول Peuls. هذه بلاد دياگاDiaga أودياDia الاسم الذي أعطى للاقليم وكذلك لقاعدته التي توجد الآن على مقربة من ديافارابي Mauny : Texte ٦٤ N : ٨ ـ Diafarane
(٤٤) ونجراته ، هي ونقارة عند الادريسي : التي يقول عنها من جملة ما يقول : «بلاد التبر المشهورة بالطيب والكثرة (كثرة ذهبها) وهي جزيرة طولها ثلاثمائة ميل وعرضها مائة وخمسون ميلا ... واشترى أكثره (الذهب) أهل وارقلان ، وأهل المغرب الأقصى وأخرجوه إلى دور السكك في بلادهم فيضربونه دنانير ويتصرّفون بها في التجارات والبضائع ... وأرض ونقاره فيها بلاد مغموره ومعاقل مشهورة وأهلها أغنياء ... الادريسي : النزهة ، الجزء الأول ص ٢٤ ـ طبعة معهد الدراسات الشرقية نابولي.
(٤٥) كان وجود الاباضية قويا بإفريقيا الشمالية في القرون الأولى للهجرة حيث بلغ الأمر إلى حد تكوين دولة أباضية في المغرب الأوسط : دولة الرستميين في تيهرت وبعد أن سقط الرستميون في بداية القرن الرابع وجدنا أن بعض الجماعات الاباضية تصمد في وارجلان ... ثم في مزاب إلى أيامنا .. ومن هؤلاء وجدنا مذهب الاباضية يتسلل عبر القوافل التجارية الصحراوية إلى بلاد السودان ... ومن المهم أن نذكر بهذه المناسبة جلسة مفيدة حضرتها كمستشار خاص (AD HOC) في محكمة العدل الدولية بلاهاي يوليه عام ١٩٧٥ عن مدى التأثير الإباضي في كلّ من الجزائر والمغرب وموريطانيا لمعرفة الحقيقة حول من هو «المعنّى بقضية الصحراء الغربية ... ـ د. التازي : التاريخ الدپلوماسي للمغرب ج ١٠ ص ٢٣٨ ـ ندوة الامام مالك بفاس ١٩٨١ ـ يراجع ٦٢٢ ,II.