ذكر سلطانة هذه الجزائر
ومن عجائبها أن سلطانتها امرأة ، وهي خديجة (١٩٩) بنت السلطان جلال الدين عمر بن السلطان صلاح الدين صالح البنجالي (٢٠٠) ، وكان الملك لجدّها ثم لأبيها ، فلما مات أبوها ولي أخوها شهاب الدين (٢٠١) وهو صغير السن فتزوج الوزير عبد الله بن محمد الحضرمي أمّه وغلب عليه ، وهو الذي تزوج أيضا هذه السلطانة خديجة بعد وفاة زوجها الوزير جمال الدين ، كما سنذكره (٢٠٢) ، فلما بلغ شهاب الدين مبلغ الرجال أخرج ربيبه الوزير عبد الله ونفاه إلى جزائر السويد ، واستقل بالملك واستوزر أحد مواليه ويسمى علي كلكي (٢٠٣) ثم عزله بعد ثلاثة أعوام ونفاه إلى السّويد (٢٠٤) ، وكان يذكر عن السلطان شهاب الدين المذكور أنه يختلف إلى حرم أهل دولته وخواصه بالليل! فخلعوه لذلك ونفوه إلى اقليم هلدتني (٢٠٥) وبعثوا من قتله بها، ولم يكن بقى في بيت الملك إلا أخواته خديجة الكبرى
__________________
(١٩٩) تملكت السلطانة خديجة عام ٧٤٠ ـ ١٣٤٠ ، بعد إقصاء أخيها شهاب الدين عن الحكم في أعقاب فضيحة أخلاقية. شهاب الدين هذا هو الذي يوجد اسمه منقوشا على اللوحة التأسيسية كآمر ـ خلد الله أعماله ـ بعمارة المسجد سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة ... وفي أيام سلطنتها زار ابن بطوطة مالديف مرتين متواليتين وكان يتحدث عنها حديث الموظف السامي الذي يعرف السلطانة معرفة جيدة حتى لسجّل عبارة دعاء الخطيب لها يوم الجمعة ـ ولهذا فإن الاعتماد على إفادة ابن بطوطة ، وهو شاهد عيان ينبغي أن يعطي الاسبقية على ما كتب بعد أربعة قرون من لدن القاضي حسن تاج الدين مما يفيد أن السلطانة إنما حكمت ابتداء من عام ٧٤٨ ـ ١٣٤٧ أي بعد مغادرة ابن بطوطة لمالديف ببضع سنوات ...!!
زينب فواز : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور ، طبعة أولى ، ١٣١٢ ص ١٨٢.
(٢٠٠) جلال الدين عمر هذا ورد ذكره في اللوحة الخشبية التأسيسية الشاخصة إلى الآن في المتحف الوطني بمالديف على أنه والد السلطان شهاب الدين أحمد الذي عمّر المسجد عام ٧٣٨ ـ ١٣٣٩ قبيل زيارة ابن بطوطة بسنوات ، هذه اللوحة هي التي وقف عليها ابن بطوطة بمحضر علية القوم في الجزيرة ... يلاحظ أن شهاب الدين هذا الذي نقش اسمه على اللوحة المذكورة كسلطان في العام المذكور ٧٣٨ ـ ١٣٣٩ لم يكن سلطانا عند القاضي حسن تاج الدين إلا عام ٧٤١ ـ ١٣٤٠!! ـ تراجع الدراسة التي قام بها د. التازي للوحة التأسيسية. والمشار إليها أثناء هذا البحث ...
(٢٠١) حسب اللوحة التأسيسية المعاصرة فإن شهاب الدين هو السلطان الذي جدد بناء الجامع عام ٧٣٨ ـ ١٣٣٩ ودعى له في اللوحة المذكورة بكلمة : خلد الله أعماله ، وليس عام ١٣٤٠ كما عند القاضي حسن تاج الدين وتبعه بعض الناس ...
(٢٠٢) يراجع IV ، ١٣٢ ـ ١٤٣ ـ ١٤٩ ـ ١٦٥.
(٢٠٣) كلكي :(Kalege) : لقب (Quilague) يعني الضابط العام للسلطان ...
(٢٠٤) راجع التعليق السابق رقم ١٦٥ ...
(٢٠٥) هلدتني هي التي دعيت سابقا هلدمتي (أنظر التعليق ١٦١)