وسافرت في البحر إلى هنور ثم إلى فاكنور ، ثم إلى منجرور ثم إلى هيلي ثم إلى جرفتّن وده فتّن ، وبدفتّن وفندرينا وقالقوط ، وقد تقدم ذكر جميعها ثم إلى مدينة الشاليات ، وهي بالشين المعجم والف ولام وياء آخر الحروف والف وتاء معلوة ، مدينة من حسان المدن تصنع بها الثياب المنسوبة لها (١٤٧) ، وأقمت بها فطال مقامي فعدت إلى قالقوط ، ووصل اليها غلامان كانا لي بالككم فأخبراني أن الجارية التي كانت حاملا وبسببها كان تغيّر خاطري توفيت ، وأخذ صاحب الجاوة سائر الجواري واستولت الأيدي على المتاع وتفرّق أصحابي إلى الصين والجاوة وبنجالة ، فعدت لما تعرّفت هذا إلى هنّور ، ثم إلى سندابور فوصلتها في آخر المحرم وأقمت بها إلى ثاني من شهر ربيع الآخر.
وقدم (١٤٨) سلطانها الكافر الذي دخلناها عليه برسم أخذها وهرب إليه الكفار كلّهم، وكانت عساكر السلطان متفرقة في قرى فانقطعوا عنا ، وحصرنا الكفار وضيّقوا علينا ، ولما اشتد الحال خرجت عنها وتركتها محصورة (١٤٩) ، وعدت إلى فالقوط.
وعزمت على السفر إلى ذيبة المهل وكنت أسمع بأخبارها فبعد عشرة أيام من ركوبنا البحر بقالقوط وصلنا جزائر ذيبة المهل ، وذيبة على لفظ مؤنث الذيب (١٥٠) ، والمهل بفتح الميم والهاء، وهذه الجزائر إحدى عجائب الدنيا ، وهي نحو ألفى جزيرة (١٥١) ويكون منها مائة فما
__________________
(١٤٧) الشاليات CHALIYAM هي التي كان البرتغال يطلقون عليها شيليات Chiliate أوChale ، وتحمل اليوم اسم بيبّور (Beypore) على بعد نحو سبعة أميال جنوب قالقوط ، وقد اشتهرت المدينة بمعاملها في النسيج المتنوع الأشكال ، وما يزال اسم (الشال) معروفا عند الناس ، حتى في الغرب نسبة إلى المدينة المذكورة.
(١٤٨) يعني من ٢٤ يونيه إلى ٢٤ غشت ١٣٤٣ ـ يلاحظ أن هذه التواريخ لا تتوافق مع معلومته الآتية الذكر (٤٦١ ـ ٤٦١ ـ IV) التي تفيد أنه غادر مالديف بتاريخ ٢٦ غشت ١٣٤٤ ـ ١٥ ربيع الثاني ٧٤٥.
(١٤٩) لو كان ابن بطوطة ثبت في موقفه وبقى صامدا لحضر نصرا جديدا للسلطان جمال الذين سلطان هونفر (Honavar) وحضر كذلك وفاة السلطان الأخير فيها ...
(١٥٠) ذيبت كلمة من أصل سنسكري : دفيبّا (DVIPA) ومعناها جزيرة. ومهل هو اسمها ، جزيرة مهل أعطت بالصياغة الأوربية مهل جزيرة : أي مالديف وتقع جزر مالديف جنوب جزر لاكديف التابعة للهند ... ويلاحظ أن هذه الإفادات من ابن بطوطة عن جزر مالديف تعتبر أصيلة وفريدة في بابها لم يتقدم عليه أحد فيها ومن هنا وجدنا أن المالدفيين لا ينفكّون يذكرون الرحالة المغربي بكلّ خير ...
د. التازي : أقدم نقش في مالديف يتحدث عن المغرب ... ـ بحث قدم لمؤتمر مجمع اللغة العربية بالقاهرة في دورته السابعة والخمسين (يبراير ١٩٩١).
هذا وقد كانت أقدم ترجمة لهذا النص الخاص بالمالديف من رحلة ابن بطوطة هي التي قام بها البيرگراي (Albert Gray) معززا بH.C.P.Bell في الملحق A لترجمتهما لحكاية فرانسوا بيراردو لافال البحار الفرنسي الذي حرّت مركبه هناك وأقام في مالديف من عام ١٦٠٢ إلى ١٦٠٧ وقد طبعت عام ١٨٨٧ ـ ٩٠ من طرف Hakluyt وقد قدم السيدC.H.B.Reyolds مساعدة ثمينة إلى Bekmgham بعض في تعليقاته ...
(١٥١) يتكون الأرخبيل من عشرين جزيرة مرجانية حلقية الشكل atolls ومن حوالي ألف ومائتي جزيرةIslands.