وسرنا في بلاد هكّار شهرا ، وهي قليلة النبات كثيرة الحجارة ، طريقها وعر ، ووصلنا يوم عيد الفطر إلى بلاد برابر أهل لثام كهؤلاء فأخبرونا باخبار بلادنا واعلمونا أن اولاد خراج(١٤٠) وابن يغمور (١٤١) خالفوا وسكنوا (تسابيت) من توات (١٤٢) ، فخاف أهل القافلة من ذلك ، ثم وصلنا إلى بودا (١٤٣) ، بضم الباء الموحدة ، وهي من أكبر قرى توات ، وأرضها رمال وسباخ وتمرها كثير ليس بطيب ، لكن أهلها يفضلونه على تمر سجلماسة ، ولا زرع بها ولا سمن ولا زيت وانما يجلب لها ذلك من بلاد المغرب ، واكل أهلها التمر والجراد ، وهو كثير عندهم يختزنوه كما يختزن التمر ويقتاتون به ويخرجون إلى صيده قبل طلوع الشمس فانه لا يطير اذا ذاك لأجل البرد!
وأقمنا ببودا أياما ، ثم سافرنا في قافلة ووصلنا في أواسط ذي القعدة (١٤٤) إلى مدينة سجلماسة ، وخرجت منها في ثاني ذي الحجة (١٤٥) ، وذلك أول البرد الشديد ، ونزل بالطريق ثلج كثير. ولقد رأيت الطرق الصّعبة والثلج الكثير ببخاري وسمرقند وخراسان وبلاد الأتراك فلم أر أصعب من طريق أمّ جنيبة! (١٤٦).
ووصلنا ليلة عيد الأضحى إلى دار الطمع (١٤٧) ، فأقمت هنالك يوم الأضحى ، ثم
__________________
(١٣٩) كان يوافق ٣٠ أكتوبر ١٣٥٣.
(١٤٠) أولاد خرج : قبيلة عربية من بني معقل مكانهم بين تلمسان ووجدة والبحر المتوسط وكانوا يتنقلون من تلمسان إلى توات ... وقد كانت هذه القبائل تتمرد أحيانا على السلطان انظر التعليق رقم ٢
(١٤١) القصد إلى بني عبد الواد ، أصحاب تلمسان الذين كان أبو عنان تغلب على عاصمتهم في ربيع الثاني عام ٧٥٣ مايه ١٣٥٢ في السنة الماضية ـ في أعقاب المعركة الشهيرة المعروفة بمعركة أنگاد الاستقصاء ٣ ، ١٨٢ ـ د. التازي : التاريخ الدپلوماسي للمغرب ـ الجزء السابع ص ١٤ تعليق ١٠.
(١٤٢) تسابيت : واحات على بعد ٦٠ شمال أدرار تمردوا على السلطان بزعامة يعقوب ...
(١٤٣) بودا : واحات على بعد ٢٠ ك. م. شمال غرب أدرار توات ، على الخط ٢٨ شمالا و ٣٠ ، ٠ شرقا.
وحسب ابن خلدون فإن هذا المكان هو نقطة انطلاق القوافل نحو مالي ... هذا ويذكر بعض الجغرافيين العرب أن الجراد مما يؤكل في مراكش.
(١٤٤) يوافق ١٢ دجنبر ١٣٥٣ ـ حول سجلماسة انظر ما سبق تعليق رقم ٢.
(١٤٥) يوافق ٢٩ دجنبر ١٣٥٣.
(١٤٦) ورد عند الحسن ابن الوزان في (وصف افريقيا) وهو يتحدث عن مدينة تحمل هذا الاسم : أم جنيبة أنها قرب ممر الأطلس على منحدره الجنوبي (٩٠ ك. م. جنوب شرق فاس) ويظهر بجانب المدينة مرتفع يلزم كلّ من صعده ليقطعه مع قافلة أن يرقص! وقد رأى ابن الوزان بعينه أن كلّ الذين يمرون بالمرتفع يرقصون ...! انظر وصف افريقيا ، وانظر الترجمة الإسبانية التي أعدهاS.Fanjul و ٣٩٩١ F.Arbos ص ALIANZA EDITORIAL ٣٩٧
(١٤٧) ربما تكون دار الطمع هي تاملالت (Tamelalt) بين أزرو وبين صفرو على ما يقوله بيكنگام وقد تجنب Mauny اذكرها نهائيا بينما استغنى كيوك عن التعليق عليها!!