العباسيين ، فبايعوا إبراهيم بن المهدي بالخلافة بعد أربعة أشهر من بيعة المأمون علي الرضا بولاية العهد ، وبايعه أيضا كثير من القواد والموالي ، ورضي به أكثر الناس ، وفقد الحسن بن سهل الذي ولاه المأمون على بغداد سيطرته عليها فلجأ إلى المدائن واتخذ مقامه فيها (١).
غير أن تولي إبراهيم بن المهدي الخلافة لم يلق تأييدا فلم تبايعه الأقاليم ، ولم يحاول الاتصال بها ولم يفلح في الهيمنة على العراق فقامت بوجهه ثورات متعددة في المدائن وفي الكوفة وعارضه عدد من القواد البارزين ببغداد فتزعزعت مكانته ، ثم اضطر إلى التنازل عن الخلافة التي أشغلها أقل من سنة.
اعتمد المأمون منذ عودته إلى بغداد على أحمد بن أبي خالد في إدارة الدواوين ، ولم تسمّه المصادر وزيرا مع أن عمله هو عمل الوزراء ، وأحمد اصله من بلاد الشام ، وكانت لأسرته صلة بالدولة العباسية في أول عهدها ، فكان أبوه ، كاتبا لعبيد الله الأشعري وزير المهدي ، وكان هو مع المأمون في خراسان ، فقدم معه إلى بغداد (٢) وولاه الإدارة بعد عزله الفضل بن سهل. وظل في عمله إلى أن توفي سنة ٢١٥ ، فتولى أمور الإدارة بعده أحمد بن يوسف ، وكان قبل ذلك يتقلد المأمون بعد عودته إلى بغداد ديوان السر وبريد خراسان وصدقات البصرة. (٣) وفي الكتب أخبار متفرقة عن الرجلين تظهر مرونتهما في الإدارة واهتمامهما بشؤون الناس ، دون الاهتمام بالأمور الفكرية والإدارية أو أيّ توجهات سياسية خاصة.
أولى المأمون لدى عودته تقديرا كبيرا وثقة بطاهر بن الحسين ، فأسند إليه حمل الحربة أمامه ، ثم ولاه بعد سنة على الجزيرة الفراتية والشرطة والجانبين من بغداد (٤) ثم عقد له في السنة نفسها على خراسان والجبال من حلوان إلى
__________________
(١) الطبري ٣ / ١٠١٦.
(٢) طيفور ١١٩.
(٣) م. ن ٣.
(٤) م. ن ١٠٩.