أسواق سامرّاء :
أدرك المعتصم أهمية السوق فحدّد في تخطيطه الأول لسامرّاء مكانا لها ، وفي هذا يقول اليعقوبي : إن المعتصم «خطّ المسجد الجامع واختط الأسواق حول المسجد الجامع وذكر في مكان آخر ووسعت صفوف الأسواق ، وجعلت كل تجارة منفردة ، وكل قوم على حدتهم على مثل ما رسمت عليه أسواق بغداد» (١).
وفي كلامه عن شارع السريجة ، وهو الشارع الأعظم ، ذكر مواقع الرطابين وسوق الرقيق في مربعة فيها طرق متشعبة فيها الحجر والغرف والحوانيت للرقيق ، ثم مجلس الشرطة والحبس الكبير ومنازل الناس. والأسواق في هذا الشارع يمنة ويسرة مثل سائر البياعات والصناعات ، ويتّصل ذلك بخشبة بابك ، ثم السوق العظمى لا تختلط بها المنازل ، كل تجارة منفردة ، وكل أهل مهنة لا يختلطون بغيرهم ، ثم الجامع الكبير الذي لم يزل يجمع فيه إلى أيام المتوكل ، والأسواق من أحد الجانبين ، ومن الجانب الآخر القطائع والمنازل وأسواق أصحاب البياعات الدنيّة مثل أصحاب الفقاع والهرائس (٢).
يتبين من النص الأول أن تحديد مواقع الأسواق واختطاطها جرى منذ أول إنشاء سامرّاء ، وأن مواقعها جعلت حول المسجد الجامع ، أما النص الثاني فيظهر أن هذه الأسواق كانت في منطقة واحدة من شارع السريجة ، وهو الشارع الأعظم وعلى طرفيه ، ويوحي هذا النص أنه كان في سامرّاء «السوق العظمى» وهي متميزة عن بقية الأسواق ، ولكنها ليست بعيدة عنها ، يفصلهما مجلس الشرطة والحبس ، وهي ممتدة إلى خشبة بابك. أما السوق العظمى فتمتد إلى جامع المعتصم ، وفي آخره أسواق أصحاب الصناعات والبياعات الدنيّة.
وجاء في النص الأول أن الأسواق وسّعت صفوفها ، وجعلت فيها كلّ تجارة منفردة ، وكل أهل مهنة لا يختلطون بغيرهم. ولم يذكر اليعقوبي من هذه
__________________
(١) البلدان ٢٥٨.
(٢) المصدر نفسه ٢٦٠.