مثل أربعة شيبان وعمران وابن ابى شيبة والمزنى رضى الله تعالى عنهم أجمعين وأربعة من العباد حاتم والبصرى والعلاء الكوفى ومحمد وما رأيت مثل ذى النون المصرى وكان ذو النون المصرى يقول ذكر الله تعالى دواء وذكر الناس داء فاستكثروا من الدواء وأقلوا من الداء وعن محمد بن قطن قال رأيت مكتوبا على عصا ذى النون
كيف احتيالى ودا بى الامل |
|
وليس لى فى صحيفتى عمل |
زادى قليل ورحلتى بعدت |
|
من عدم الزاد كيف يرتحل |
وقال ذو النون انما دخل الفساد على الناس من ستة أشياء الأول من ضعف النية بعمل الآخرة الثانى صارت أبدانهم رهينة لشهواتهم الثالث غلبهم طول الامل مع قرب الاجل الرابع آثروا رضاء المخلوقين على رضاء الخالق الخامس اتبعوا أهواءهم ونبذوا سنة نبيهم وراء ظهورهم السادس جعلوا زلات السلف حجة أنفسهم ودفنوا أكثر مناقبهم ولما مات ذو النون بالجيزة حمل فى قارب مخافة أن يتقطع الجسر من كثرة الناس مع الجنازة قال المؤلف فلما أخرج من القارب وحمل على أكتاف الرجال جاءت طيور خضر فاكتنفت الجنازة ترفرف عليها حتى عطف بها نحو حمام الغار فغابت فذكرت ذلك لأبى يحيى بن هلال بعد زمان فقال لى والله رأيت مثل هذه الطيور ترفرف على جنازة المزنى وأنشد بعضهم فى ذلك
ورأيت أعجب ما رأيت ولم أكن |
|
من قبل ذاك رأيته لمشيع |
طيرا ترفرف حوله وتحفه |
|
حتى توارى فى حجاب المضجع |
ثم احتجبن عن العيون فلم أحط |
|
علما بكنه مصيره والمرجع |
وأظنها رسل الاله تنزلت |
|
والله أعلم فوق ذاك الموضع |
وكانت وفاته سنة خمس وأربعين ومائتين وكان اسمه ثوبان بن ابراهيم وورعه وزهده لا يخفى وكان قد وشى به الى المتوكل فاستحضره من مصر فلما حضر ودخل عليه وعظه فبكى وردّه الى مصر واعتذر له وقال يونس بن الحسين سمعت ذا النون المصرى يقول وقد سئل لم أحب الناس الدينار فقال لان الله تعالى جعل الدنيا خزانة أرزاقهم فمدوا أعينهم اليها وقال ابن أبى السرح قلت لذى النون كيف كان حالك مع المتوكل حين أمر بقتلك فقال لما أوصلنى الغلام الى الستر رفعه وقال لى ادخل فدخلت ونظرت فاذا المتوكل فى غلالة مكشوف الرأس وعبيد الله قائمون على رأسه وهو متكىء على السيف فعرفت فى وجوه القوم الشرّ ففتح لى بابا فقلت فى نفسى يا من ليس فى السماء نظرات