(ولا يصح اقرار السفيه بمال (١) ويصح بغيره (٢) كالنسب (٣) وإن أوجب النفقة ، وفي الانفاق عليه من ماله أو بيت المال قولان ، أجودهما الثاني ، وكالإقرار بالجناية الموجبة للقصاص وإن كان نفسا (٤) ، (ولا تصرّفه في المال (٥) وإن ناسب
______________________________________________________
(١) شروع في حجر السفيه بعد الانتهاء من حجر الصغير ، والسفيه مقابل الرشيد ، ولم يتعرض لمعنى السفيه لما تقدم من بيان معنى الرشيد الذي هو مقابله ، والحجر ثابت على السفيه لقوله تعالى : (وَلٰا تُؤْتُوا السُّفَهٰاءَ أَمْوٰالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّٰهُ لَكُمْ قِيٰاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهٰا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) (١).
والحجر عليه هو المنع من التصرفات المالية فقط لا في مطلق التصرفات لظاهر الآية حيث اقتصرت على المنع من التصرف المالي ، وإذا منع من التصرف المالي فلا يصح إقراره لأن الإقرار منه تصرف في ماله لحق الغير.
(٢) أي بالنسب.
(٣) الإقرار بالنسب إن لم يوجب النفقة فقبوله واضح بلا إشكال ، لأنه ليس تصرفا ماليا ولا يستلزم التصرف المذكور.
وإن أوجبها فقبوله مشكل لأنه مستلزم للتصرف المالي ، وفصّل الشارح في المسالك وجماعة بين قبول الإقرار بالنسب وهو ليس بمال وبين الإنفاق عليه فلا يثبت لأنه تصرف مالي وينفق على من استلحقه من بيت مال المسلمين لأنه معدّ لمصالح المسلمين.
وللشهيد قول بأنه كما يمنع من الإضرار بماله يمنع من الإضرار من بيت مال المسلمين ، بل ينفق عليه من ماله لأن المال من توابع النسب.
وفيه : إن بيت المال معدّ لمصالح المسلمين ، ونفقة من استلحق من المصالح فكيف يقال إن ذلك يضرّ بهم.
(٤) الإقرار بما يوجب القصاص مقبول إذا لم يستلزم القصاص فوات النفس ، لأنه ليس تصرفا ماليا ، وكذا إذا استلزم نفسا وقد طلب المقرّ له القصاص ، وأما لو طلب المال ففي إجابته نظر من وجوب حفظ النفس التي هي أولى من حفظ المال ، ومن أنه مفوت للغرض من الحجر لإمكان أن يتواطأ مع المقر له على ذلك ليفوّت المال ، وعلى كل فإقراره مقبول على كل حال وإن لم نوجب إجابة الطلب المالي للمقرّ له.
(٥) لما تقدم من أن السفيه محجور عليه في كل التصرفات المالية ، وإن كان في بعضها قد ناسب أفعال العقلاء.
__________________
(١) سورة النساء ، الآية : ٥.