وتظهر الفائدة (١) لو هرب بعد تسليم الأول (٢).
(ولو تكفل بواحد لاثنين فلا بد من تسليمه إليهما (٣) معا ، لأن العقد الواحد هنا بمنزلة عقدين ، كما لو تكفل لكل واحد على انفراده ، أو ضمن دينين لشخصين فأدى دين أحدهما فإنه لا يبرأ من دين الآخر ، بخلاف السابق ، فإن الغرض من كفالتهما للواحد إحضاره وقد حصل.
(ويصح التعبير) في عقد الكفالة (بالبدن (٤) ، والرأس ، والوجه (٥) فيقول : كفلت لك بدن فلان ، أو رأسه ، أو وجهه ، لأنه يعبر بذلك عن الجملة (٦) ، بل
______________________________________________________
(١) بين القولين السابقين.
(٢) فعلى القول الأول المتقدم في المتن لا يرجع المكفول له على الثاني ، وعلى القول الثاني يرجع.
(٣) بأن قال شخص لرجلين : أتكفل بإحضار الغريم إليكما ، ولم يعقد مع كل شخص كفالة مستقلة ، وهنا لا بد من التسليم إليهما معا ، لأن العقد مع الاثنين بمنزلة عقدين ، فهو كما لو تكفل لكل واحد منهما على انفراده ، وكما لو ضمن دينين لشخصين ، وقد أدى دين أحدهما فإنه لا يبرأ من دين الآخر ، وهذا هو الفارق بين هذه المسألة وبين ما تقدم ، حيث كان الفرض في السابق هو كفالتهما له بإحضاره وقد حصل من أحدهما فيبرأ الآخر ، وهنا كانت الكفالة منه لشخصين فلا بد من إحضاره لهما معا.
(٤) الأصل في الكفالة أن تتعلق بذات الغريم بأن يقول : كفلت لك فلانا ، وأنا كفيل به أو بإحضاره ، وفي حكم ذاته نفسه وبدنه ، لأنهما بمعنى واحد في العرف العام.
(٥) المراد منهما بحسب الوضع هو الجزء المخصوص من البدن ، إلا أنهما قد يطلقان عرفا على جملة البدن فيقال يبقى رأسه ووجهه ، ويراد به ذاته وجملة بدنه ، ولهذا الإطلاق العرفي صحح المشهور الكفالة لو تعلقت بالرأس أو الوجه ، واستشكل ثاني المحققين والشهيدين بأن الرأس والوجه وإن أطلقا على الجملة عرفا إلا أن إطلاقهما على أنفسهما خاصة شائع متعارف إن لم يكن أشهر ، وحمل اللفظ المحتمل لمعنيين على الوجه المصحح للكفالة وهو الذات أو جملة البدن في غير محله ، نعم لو صرح بإرادة جملة البدن من لفظي الرأس والوجه اتجهت الصحة.
وفيه : إن الأصحاب قد ذكروا الرأس والوجه باعتبار قابلية اللفظ للدلالة على جملة البدن ، فلذا حكموا بصحة الكفالة لو تعلقت بهما ، مع التسليم بأن حملهما على جملة البدن بحاجة إلى قرينة ولو حالية.
(٦) أي جملة البدن.