(ولو تمكن) المستودع (من الدفع) عنها (١) بالوسائل الموجبة لسلامتها (وجب ما لم يؤدّ إلى تحمل الضرر الكثير (٢) ، كالجرح ، وأخذ المال (٣) فيجوز تسليمها حينئذ وإن قدر على تحمله (٤). والمرجع في الكثرة (٥) والقلة إلى حال المكره ، فقد تعدّ الكلمة اليسيرة من الأذى كثيرا في حقه ، لكونه جليلا لا يليق بحاله ذلك. ومنهم من لا يعتد بمثله ، وأما أخذ المال فإن كان مال المستودع (٦) لم يجب بذله مطلقا (٧) ، وإن كان من الوديعة فإن لم يستوعبها وجب الدفع عنها ببعضها (٨) ما أمكن ، فلو ترك مع القدرة على سلامة البعض فأخذ (٩) الجميع ضمن (١٠) ما يمكن
______________________________________________________
(١) عن الوديعة عند أخذ الظالم لها ، وكان الدفع لائقا به وجب عليه ، بلا خلاف فيه ، لأنه مقدمة للحفظ المأمور به على نحو الإطلاق ، فلو لم يفعل مع قدرته على الدفع حتى أخذها الظالم كان الودعي مقصرا فيضمن.
(٢) على الودعي.
(٣) أي مال الودعي فلا يجب عليه الدفع حينئذ ، لأن تحمل الضرر ودفع المال ضرر ، وهو منفي في الشريعة.
(٤) أي تحمل الضرر أو دفع المال ، فلا يجب للإطلاق في أدلة نفي الضرر.
(٥) أي كثرة الضرر وقلته ، قال في المسالك : (المرجع في كثرة الضرر وقلته إلى حال المكره ـ أي الودعي ـ فمنهم من يعدّ الكلمة اليسيرة من الأذى الكثير في حقه لكون شريفا لا يليق بحاله ذلك ، ومنهم من لا يعتدّ بأمثال ذلك ، وهكذا القول في الضرب وأخذ المال) انتهى.
(٦) أي الودعي فلا يجب بذله ، لأنه ضرر عليه وهو منفي وإن كان قادرا على تحمله ، وقال سيد الرياض : (وفيه نظر لوجوب الحفظ ولا يتم إلا به ، فيجب ، والضرر يندفع بالرجوع إلى المالك بعد نيته) انتهى ، أي بعد نية الرجوع حتى لا يكون متبرعا.
(٧) سواء استوعب المال المدفوع الوديعة أم لا.
(٨) من باب وجوب حفظ الباقي ، لأن هذا الباقي مما يجب حفظه سواء بقي المدفوع تحت يد الودعي أم دفعه إلى الظالم ، وبما أن وجوب حفظ الباقي متوقف على بذل المدفوع فيجب بذله حينئذ.
(٩) أي الظالم قد أخذ جميع الوديعة.
(١٠) أي ضمن الودعي ما يمكن سلامته ، لأنه مع عدم الدفع المذكور وقد أثبتنا وجوبه فهو مقصّر فيضمن.